كشفت معلومات استخباراتية أميركية عن أن فريقاً سرياً من المهندسين والعلماء الإيرانيين يبحثون طرقاً أسرع وأقل تعقيداً تمكنهم من تحويل مخزونهم المتزايد من الوقود النووي إلى سلاح قابل للاستخدام في غضون أشهر بدلاً من عام أو أكثر، وأفادت "نيويورك تايمز" بأن الاستخبارات الأميركية جمعت هذه المعلومات في الأشهر الأخيرة في ولاية الرئيس السابق جو بايدن، ونقلتها إلى فريق دونالد ترمب خلال عملية انتقال السلطة.
ووفقاً للتقييم الاستخباراتي، فإن النظام الإيراني لم يتخذ بعد قراراً بتطوير السلاح النووي، إلا أن المعلومات الجديدة تشير إلى أن طهران تدرس بجدية خيارات ردع جديدة لمنع أي هجوم أميركي أو إسرائيلي محتمل، خصوصاً بعد تراجع نفوذ وكلائها وفشل صواريخها في اختراق الدفاعات الأميركية والإسرائيلية.
تخصيب اليورانيوم
استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم وتمكنت من تخزين كمية تكفي لصنع أربع قنابل نووية أو أكثر، منذ انسحاب ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015، وتركز الأدلة الجديدة على الخطوات المتبقية أمام إيران لتحويل الوقود إلى سلاح، وفق "نيويورك تايمز".
وكثيراً ما أصرت إيران على أن برنامجها النووي ذو طابع سلمي، فيما كانت التقديرات الأميركية تشير إلى أن طهران أوقفت جهودها لتطوير سلاح نووي عام 2003 بعد الغزو الأميركي للعراق، ومع ذلك خططت إيران طويلاً لإنتاج سلاح نووي، وفقاً للوثائق التي سربتها إسرائيل بعد استيلائها على الأرشيف النووي الإيراني خلال غارة في طهران عام 2018.
وإذا قررت إيران السعي إلى امتلاك سلاح نووي، فقد تحتاج فقط إلى أيام قليلة لرفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 90 في المئة، وهو المستوى اللازم لصنع قنبلة، وهي تمتلك بالفعل ما يكفي من الوقود المخصب بنسبة 60 في المئة لصنع أربع أو خمس قنابل.
لكن تخصيب اليورانيوم وحده لا يكفي، إذ تحتاج طهران إلى تحويله إلى رأس حربي قابل للاستخدام، وهي عملية كانت التقديرات السابقة تشير إلى أنها ستستغرق من عام إلى 18 شهراً، بينما كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى فترة أطول قد تصل إلى عامين.
ومع ذلك فإن المعلومات الاستخباراتية الجديدة تفيد بأن إيران تدرس تصنيع سلاح نووي أقل تطوراً وسريع الإنتاج، ويعتقد أن إيران حصلت منذ أكثر من 25 عاماً على مخططات لهذا النوع من الأسلحة من العالم النووي الباكستاني عبدالقدير خان، الذي زودها أيضاً بتصميمات أجهزة الطرد المركزي.
وبحسب "نيويويورك تايمز"، على رغم أن هذا السلاح لن يكون قابلاً للتركيب على صاروخ باليستي، ولن يكون موثوقاً مثل التصاميم الحديثة، فإنه قد يستخدم كأداة ردع، إذ يمكن لإيران أن تصنعه بسرعة وتختبره، ثم تعلن نفسها قوة نووية.
لقاء ترمب - نتنياهو
من المتوقع أن يناقش لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه المعلومات الاستخباراتية، بخاصة أن نتنياهو كثيراً ما حذر من تقدم برنامج إيران النووي وأوشك أكثر من مرة على مهاجمته عسكرياً، إلا أن توصيات مسؤولي جيشه والاستخبارات والولايات المتحدة حالت دون ذلك.
وتقول الصحيفة الأميركية إن الوضع وحسابات نتنياهو تغيرت، في ظل الضعف الإيراني وفقدان "حماس" و"حزب الله" قدرتهما على ضرب إسرائيل، وسقوط نظام بشار الأسد مما يصعب نقل الأسلحة الإيرانية عبر الأراضي السورية.
وشنت إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 ضربة على إيران أدت إلى تدمير الدفاعات الصاروخية حول طهران وبعض المنشآت النووية، وكذلك ضربت المعدات التي تستخدم في إنتاج وقود الصواريخ الجديدة، مما أدى إلى إصابة برنامج الصواريخ الإيراني بالشلل.
ترمب الثاني وإيران
وعلى رغم سياسة ترمب الهجومية تجاه إيران في ولايته الأولى، فإنه يبدو متحمساً هذه المرة للتفاوض وإبرام صفقة معها، فعندما سئل بعد تنصيبه عما إذا كان يؤيد ضربة إسرائيلية على المنشآت النووية، أعرب عن أمله أن تتوصل إيران إلى اتفاق، وقال "نأمل التوصل إلى حل لهذه المسألة من دون الحاجة إلى القلق في شأنها... ومن دون الحاجة إلى اتخاذ هذه الخطوة الإضافية".
وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي تولى منصبه في يوليو (تموز) 2024، أنه يرغب أيضاً في التفاوض، ولكن يعتقد مراقبون ومسؤولون أميركيون أن الرئيس غير مطلع على خطط الحرس الثوري والأجنحة الأخرى في النظام.
وفي الـ15 من يناير الماضي، حذر الرئيس الإيراني بزشكيان الولايات المتحدة من خطر اندلاع حرب ضد إيران، نافياً سعي طهران إلى تغيير مسار برنامجها النووي، والحصول على أسلحة دمار شامل، وأعلن استعداد طهران للتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة "من جهة المبدأ".
ووجه بزشكيان رسالته في مقابلة مع شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية قبل أيام من تولي ترمب مهامه لولاية ثانية، وقال "آمل أن يقود ترمب إلى السلام الإقليمي والعالمي، وألا يسهم، على العكس من ذلك، في حمام دم أو حرب".
وتخشى إيران عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سياسة "الضغوط القصوى" لإجبارها على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً مع تقدم برنامجها النووي لمستويات تخصيب قريبة من إنتاج الأسلحة، وتثار تساؤلات حول نهجه تجاه طهران، إذ أرسل كلا الطرفين إشارات متباينة في شأن المواجهة أو التفاهم الدبلوماسي.
المدر: اندبيندنت
س ع
اضف تعليق