في غضون أيام، وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إشارات متضاربة تجاه إيران، حيث مدّ يده إلى طهران لعرض الحوار، بينما صعّد عسكريًا بقصف حلفائها في اليمن.

وبينما تطالب إدارته بتفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني، فإنها تلوّح في الوقت ذاته بمزيد من المرونة.

ولطالما اعتمد ترامب على استخدام القوة كوسيلة ضغط في المفاوضات، لكن فيما يخص إيران، يرى مراقبون أن سياساته تفتقر إلى الاتساق، وتعكس حالة من الانقسام داخل إدارته بشأن كيفية التعامل مع خصم واشنطن القديم.

وقال دبلوماسي غربي، طلب عدم الكشف عن اسمه: "هناك تناقض كبير داخل إدارة ترامب بشأن إيران، وعاجلًا أم آجلًا، سيصل الأمر إلى ذروته".

في السابع من مارس/آذار، أعلن ترامب أنه وجّه رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، عرض فيها إجراء محادثات بشأن البرنامج النووي، لكنه في الوقت ذاته لوّح بالخيار العسكري في حال رفض طهران، وهو موقف يتماهى مع تهديدات إسرائيل.

منذ انسحابه من الاتفاق النووي لعام 2015، تبنى ترامب سياسة "الضغط الأقصى" عبر العقوبات، لكنه أقرّ بأنه يفعل ذلك احترامًا لمستشاريه المتشددين.

في المقابل، أشار ستيف ويتكوف، المبعوث العالمي المتجول للرئيس، إلى إمكانية التوصل إلى "تسوية" مع إيران، مؤكدًا أن ترامب يسعى إلى برنامج تحقق يضمن عدم سعي طهران لامتلاك سلاح نووي، وهو طرح يتماشى مع الاتفاق الذي توصل إليه باراك أوباما.

لكن مستشار ترامب للأمن القومي مايك والتز سارع إلى تأكيد أن الهدف يظل "التفكيك الكامل" للبرنامج النووي، في حين تصر إيران على أن برنامجها لأغراض سلمية، رغم تقديرات الاستخبارات الأمريكية بأنها قادرة على صنع قنبلة نووية إذا قررت ذلك.

و يرى محللون أن إيران تواجه لحظة ضعف إقليمي، خاصة بعد سقوط حلفائها؛ إذ شهدت حماس ضربات إسرائيلية قاسية بعد هجومها على تل أبيب في 7 أكتوبر 2023، وتكبد حزب الله اللبناني خسائر كبيرة، بينما انهار نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 إثر هجوم إسلامي سني.

وفي هذا السياق، كثّف ترامب هجماته ضد الحوثيين في اليمن، الذين استهدفوا سفنًا في البحر الأسود تضامنًا مع الفلسطينيين.

في المقابل، لا تزال إسرائيل تلوّح بالخيار العسكري ضد إيران، وتسعى إلى بناء تحالف خليجي ضد طهران، رغم أن هجومها على غزة قد يُعقد المشهد الإقليمي.

يرى بعض الخبراء أن إيران تسعى لاستغلال الموقف لكسب الوقت، في ظل استمرار المفاوضات والتلويح بالعمل العسكري.

وقال بهنام بن طالبلو، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "هناك إدراك متزايد داخل الإدارة الأمريكية بأن طهران تحاول استغلال المفاوضات لصالحها، وهو ما يفرض الحاجة إلى معايير صارمة إذا كانت الدبلوماسية خيارًا جادًا".

في ظل هذه التناقضات، يبقى السؤال: هل يستطيع ترامب تحقيق "صفقة كبرى" مع إيران، أم أن التصعيد العسكري سيكون هو الخيار الحتمي؟

م.ال

اضف تعليق