نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسليها كريم فهيم ومارك مازيتي، حول إعلان السعودية وقف عملية "عاصفة الحزم"، بعد حوالي شهر من الغارات الجوية ضد مقاتلي الحوثي في اليمن.
ويشير التقرير إلى أن الإعلان جاء إثر ضغوط كبيرة من إدارة أوباما على السعودية وحلفائها لإنهاء حملة الغارات الجوية، حيث إن الحملة، التي وفرت لها الولايات المتحدة معلومات استخباراتية، انتقدت بشكل كبير؛ لأنها أدت إلى وقوع ضحايا مدنيين.
وتذكر الصحيفة أن بيانا لوزارة الدفاع السعودية قال إن عملية "عاصفة الحزم" حققت أهدافها، ولكن لم يكن واضحا كيف حققت الغارات الجوية تقدما في الهدف السعودي المعلن، وهو إعادة الحكومة اليمنية الشرعية، التي انهارت قبل أسابيع. وقال المحللون إن الإعلان قد يمهد الطريق أمام تدخل عسكري بصيغة أخرى.
ويورد التقرير أن أسابيع من الاقتتال في اليمن، التي تعاني من غياب سلطة مركزية، خلفت حوالي ألف قتيل، وفتحت المجال لتنظيم القاعدة للتمدد، كما هدد الصراع بحرب إقليمية تتورط فيها أمريكا وإيران، بينما تحاولان الاستمرار في المفاوضات الحساسة، على أمل التوصل إلى اتفاق نووي نهائي في حزيران/ يونيو.
وتلفت الصحيفة إلى أن أوباما أعرب في مقابلة، ليلة الثلاثاء، عن أمله في حل للأزمة في اليمن، حيث قال لقناة "إم إس إن بي سي": "كانت اليمن دائما بلدا صعبا فيه مشاكل كثيرة.. هناك أناس كثيرون يعانون في اليمن، وما نحتاج أن نفعله هو أن نجمع الفصائل كلها معا للتفاوض على حل سياسي".
وينوه التقرير إلى أن السعوديين يتهمون الحوثيين بأنهم وكلاء لإيران، وقد حذرت إدارة أوباما في الأيام الأخيرة من محاولة إيران تسليح الحوثيين، وتحركت يوم الاثنين بنشر قطع بحرية بالقرب من السواحل اليمنية كقوة رادعة.
وترى الصحيفة أن الدور الإيراني غير واضح، بالرغم من أن المسؤولين اليمنيين والدبلوماسيين الغربيين يشيرون إلى وجود أدلة على تسليح إيران للحوثيين على مدى السنوات الماضية، إلا أن الحوثيين يقولون إنهم ليسوا دمية بيد طهران، وإن أفعالهم تنبع من معاملتهم مع الفصائل اليمنية الأخرى وأجندتهم المحلية.
ويوضح التقرير أن وزير الخارجية الأمريكي قد تحدث للسعوديين عدة مرات خلال الأيام القليلة الماضية، كما زار رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الرياض. وقال مسؤول أمريكي كبير يوم الثلاثاء إن حوارا جرى بين أمريكا والسعودية والإمارات حول إنهاء حملة الغارات الجوية. وعندما سئل عن السبب، قال إنه "حجم الأضرار الجانبية الكبير".
وتبين الصحيفة أن إعلان السعودية جاء بعد ساعات من تصريح لمسؤول إيراني رفيع المستوى بأنه يتوقع إعلانا وشيكا لوقف إطلاق النار. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: "نحن متفائلون بتوقف الهجمات العسكرية على اليمن في الساعات القليلة القادمة بعد بذل العديد من الجهود".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه لم يكن واضحا إن كان الإعلانان يدلان على وجود قناة مفاوضات وراء الكواليس، وإن كان وقف الغارات سيؤدي إلى مفاوضات بين الفصائل المتخاصمة في اليمن. وقال مسؤول حوثي إنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بشأن التفاوض.
وتقول الصحيفة إنه أعلن عن توقف الغارات الجوية، التي بدأت يوم 26 آذار/ مارس، في مؤتمر صحافي للسفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، حيث قال: "سنفعل كل ما من شأنه حماية الحكومة الشرعية في اليمن". وتبرر السعودية حملتها بالدفاع عن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بينما يقول منتقدو الحملة إنها ردة فعل زائدة على الحد بناء على فرضية أن الحوثيين يتلقون أوامرهم من إيران.
ويستدرك التقرير بأن الحليف الأقوى للحوثيين محلي، وهو القوات اليمنية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتشير الصحيفة إلى أن الغارات الجوية قد شلت اليمن، وخلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى، وكانت هناك ضغوط دولية على السعودية لوقف الغارات؛ لأنها أصابت المدنيين بشكل متكرر، وقالت مؤسسات حقوق الإنسان إنها قد تصل إلى جرائم الحرب.
وينوه التقرير إلى أن أسوأ الهجمات كانت تلك التي قتلت العشرات في مخيم للنازحين اليمنيين، وتلك التي أصابت مصنعا للألبان، وتسببت بمقتل 31 عاملا ليليا فيه. وأدت غارة سعودية على قاعدة دفاع جوية في صنعاء يوم الاثنين، تسببت بانفجار شديد، إلى هدم البيوت المجاورة ومقتل 25 شخصا.
وتذكر الصحيفة أن المؤسسات الدولية انتقدت السعودية لفرضها حصارا على اليمن، ما حرم اليمنيين من الغذاء والماء والوقود والدواء. وقالت منظمة الصحة العالمية إن الخدمات الصحية اليمنية انهارت، وإن عدد القتلى منذ التصعيد الشهر الماضي وصل على الأقل إلى 944 شخصا، ووصل عدد الجرحى إلى 3500 شخص، بالإضافة إلى آلاف النازحين عن بيوتهم.
ويذهب التقرير إلى أنه كان هناك شك فيما تستطيع الحملة الجوية وحدها إنجازه. وقال البيان السعودي الرسمي إن الغارات نجحت في "إحباط التهديد لأمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة، من خلال تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ، التي استولى عليها الحوثيون والقوات الموالية، بما في ذلك قواعد ومعسكرات الجيش اليمني".
وتجد الصحيفة أن إعلان الثلاثاء ينبئ عن احتمال اتفاق سياسي وإغاثة سريعة لمدن اليمن، وخاصة صنعاء التي أصابها القصف يوميا تقريبا. ولكن المحللين يقولون إن في طيات الإعلان تهديدا بعمل عسكري آخر، وقد يعني مرحلة قتالية أخرى، بما في ذلك زيادة الدعم لوكلائهم على الأرض في محاربة الحوثيين. مشيرة إلى أنه لم يكن هناك أي إشارة إلى انسحاب للحوثيين من أي مناطق استولوا عليها، لا في صنعاء ولا في المناطق الجنوبية، مثل أجزاء من عدن.
وينقل التقرير عن دبلوماسي، اشترط عدم ذكر اسمه، قوله: "لم يتم إضعاف أحد بشكل جدي"، وأضاف أن السعودية "ستأخذ نفسا من الغارات على صنعاء، ولكنها ستستمر".
وتخلص "نيويورك تايمز" إلى أنه في غياب اتفاق بين الطرفين فإن القرار السعودي لا يمنح اليمنيين النازحين من المدن، مثل عدن، حيث لا تزال هناك اشتباكات، شعورا بالراحة. وقال أحمد كليب (30 عاما) وهو نازح من عدن في جيبوتي، إن وقف الغارات الجوية "جيد لبقية اليمن"، مضيفا أن المقاتلين في عدن يقاومون الحوثيين، ولا يزالون يواجهون "هجوما شرسا".
اضف تعليق