يقول مسلمو اقلية الروهينغا في ولاية راخين المحاصرة من قبل قوات الامن البورمية والتي ترزح تحت وطأة عمليات الخطف والقتل، ان الخوف اصبح خبزهم اليومي.
وسمحت السلطات البورمية الاسبوع الماضي لوسائل الاعلام بدخول الى مناطق محددة من الولاية في شمال غرب البلاد، للمرة الاولى منذ اطلاق قوات الامن عملية مستمرة منذ اشهر.
ويشتبه محققو الامم المتحدة بان العملية قد ترقى الى مصاف "التطهير العرقي" بعد ان افاد فارون، من بين اكثر من 75 ألفا من أقلية الروهينغا لجأوا الى بنغلادش هربا من الحملة الامنية، بحصول عمليات اغتصاب جماعي واعمال قتل وحرائق مفتعلة.
ويقول القرويون للصحافيين تحت انظار حرس الحدود البورميين الذين نظموا الزيارة في قرى فر منها العديد من اهلها، ان العنف وانعدام الامن في تصاعد مستمر.
وتقول امرأة من اقلية الروهينغا طلبت عدم كشف اسمها لاسباب امنية "ازواجنا فارون. لقد غادروا لانهم خائفون من شرطة حرس الحدود".
وتضيف "لقد احرقوا منزلنا. ليسد لدينا منزل او ما نأكله. ازواجنا يختبئون في مكان ما".
وتراجعت حدة العملية الامنية الواسعة النطاق الا ان المنطقة لا تزال محاصرة، مع تسجيل اعمال قتل بين الحين والاخر خلال الدوريات العسكرية التي تعمل على مطاردة "الارهابيين".
وتتخوف الامم المتحدة من تعرض المئات للقتل في ما يمكن ان يكون الفصل الاكثر دموية في تاريخ اضطهاد البلاد، ذات الغالبية البوذية، لاقلية الروهينغا المسلمة.
وينظر الى اقلية الروهينغا المسلمة بانها مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من بنغلادش، علما بان العديد من عائلات الروهينغا يقولون ان اجدادهم قد عاشوا في المنطقة على مدى اجيال.
واليوم يضاف الى المأساة تعرض عدد من رجال المنطقة للخطف والقتل على يد عصابات غير معروفة تستخدم السكاكين، وتقول وسائل الاعلام انهم يرتدون ملابس سوداء وغالبا ما يضعون اقنعة.
وتقول السلطات ان القتلة يستهدفون قادة الاقلية المسلمة وكل من يشتبه في انه يتعامل مع الدولة. وهم يحمّلون مقاتلي الروهينغا مسؤولية الجرائم.
ويتخوف المحلل في مجموعة الازمات الدولية ريتشارد هورسي من ان حوالى 60 شخصا قد يكون تم استهدافهم في حملة "ممنهجة للقضاء على المسلمين المرتبطين او الذين يعتقد انه مرتبطين بطريقة او باخرى بالسلطات".
عمليات قتل غامضة
في المنطقة التي يشكل فيها انعدام الثقة سمة بارزة وتكثر فيها الشائعات فان هوية منفذي الهجمات لا تزال مجهولة. كما ان الخوف يزداد يوما بعد يوم جراء تقارير بتسجيل عمليات قتل شبه يومية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري قام مجهولون بسحب اتو سوان (44 عاما) الاب لستة اولاد من سريره وطعنوه حتى الموت وغادروا مع الجثة، بحسب ما روى افراد من اسرته واصدقاء له للصحافيين خلال الجولة التي نظمتها السلطات البورمية.
وكان سوان يعمل من حين لآخر مترجما لدى السلطات الرسمية.
وتقول والدته المسنة موييان خاتو والحزن يكسو وجهها "لم اتمكن من الاكل منذ ان اخذوا ابني".
واوردت وسائل الاعلام الاثنين انه تم العثور على جثته مرمية في احدى السواقي القريبة.
ويقول جاره هانوميار (67 عاما) لفرانس برس "نحن خائفون من تكرار اعمال القتل".
وتتهم الحكومة البورمية مجموعة تطلق على نفسها اسم "جيش خلاص روهينغا اراكان" باعمال القتل.
في المقابل تنفي المجموعة اي علاقة لها بالجرائم وتتهم السلطات البورمية بمحاولة ضرب صدقيتها عبر بيانات نشرت على حساب غير رسمي على توتير يدعي تمثيل مقاتليها.
الا ان المجموعة تتبنى الهجمات ضد مراكز شرطة الحدود في تشرين الاول/اكتوبر الماضي.
وشن الجيش حملة اعتقالات قمعية ضد مسلمي الروهينغا في شمال البلاد، ردا على تلك الهجمات، ما ادى الى لجوء اكثر من 70 الفا من سكان المنطقة الى بنغلادش.
وروى الهاربون الرعب الذي شهدوه من ذبح اطفال واحراق لاشخاص على قيد الحياة واغتصاب جماعي للنساء على يد قوات الامن، في انتهاكات يعتبر محققو الامم المتحدة انه قد ترقى الى مصاف "جرائم ضد الانسانية".
في المقابل ينفي الجيش هذه الاتهامات ويقول ان رده جاء متناسبا مع اعمال الارهابيين.
وشددت الازمة في راخين من الضغوط الدولية على اونغ سان سو تشي التي خيبت آمال المنظمات الحقوقية بدفاعها عن عملية القمع التي شنها الجيش البورمي ضد الروهينغا.
ووافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي على إرسال بعثة تحقيق للبحث في الانتهاكات التي يعتقد أن الجيش ارتكبها.
بين المطرقة والسندان
ورفضت السلطات قرار ارسال البعثة معتبرة أن هذا الأمر سيؤدي إلى "تأجيج" النزاع، متوعدة بعدم منح تأشيرات دخول لاعضاء البعثة.
ويقول سكان قرى الروهينغا الذي لم يتمكنوا من المغادرة بسبب المنع من السفر والفقر انهم عالقون بين مطرقة القمع الذي تمارسه السلطات وسندان انتقام المقاتلين.
ولزيادة منسوب الرعب صدرت على وسائل التواصل الاجتماعي تهديدات بالقتل وفتاوى بحق كل من يجرؤ على الوقوف بوجه المتمردين، بحسب ما اعلن محللون ومصادر في الروهينغا.
وسعى المسؤولون البورميون خلال الزيارة التي نظمتها السلطات الى التقليل من حدة الحملة العسكرية ومن وقع الجرائم.
وقال الجنرال سان لوين قائد شرطة ولاية راخين إن "بعض تلك الجرائم قد تكون دوافعها "احقاد شخصية" وليس التمرد.
الا ان السكان يقولون انهم باتوا يخافون تولي مناصب رسمية كي لا يتحولوا الى اهداف.
ويقول مسلم في الخامسة والثلاثين من العمر تم تعيينه مؤخر كبير خدم في قرية تينماي، ان سلفه قد قتل في نيسان/ابريل بعد ان تحدث الى مراسلين محليين.
ويضيف طالبا عدم كشف اسمه "لا انام في منزلي. انام في مركز للشرطة". انتهى/خ.
اضف تعليق