ركزت صحيفة "يني شفق" التركية، اليوم الاحد، في تقرير مطول لها الضوء على الخطر المحدق بأموال الخليج (الفارسي) في بنوك أمريكا، حيث تودع الدول العربية التي تأتي في مقدمتها السعودية والإمارات 4 تريليونات دولار أمريكي في بنوك الولايات المتحدة وبريطانيا.
بيد أنه إذا قالت واشنطن "لقد صادرت أموالكم ولن أعطيها لكم، فإن تلك الدول لن تستطيع فعل أي شيء".
واضافت ان "لا شك مصادرة إدارة ترامب للأموال الخليجية ليست إلا مسألة وقت، لا سيما بعدما فرضت ضرائب إضافية على دول أخرى ولجأت لاستخدام سلاح سعر الصرف".
وقد وردت تقارير تفيد بأن "الولايات المتحدة عازمة على الاستيلاء بشكل رسمي على ثروات دول الخليج (الفارسي) التي تستغلها منذ سنين".
وتمتلك عدة دول عربية، وفي طليعتها السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، نحو 4 تريليونات دولار فيالبنوك الأمريكية والبريطانية، وتعود ملكية الجزء الأكبر من هذه الأموال إلى السعودية والإمارات.
فالأموال المكتسبة من بيع النفط والغاز تحول مباشرة إلى البنوك الأمريكية. واشارت الصحيفة إلى أن "الهدف القادم لإدارة ترامب، التي هاجمت عدة دول حول العالم اقتصاديا بفرض تعريفات جمركية إضافية، هو مصادرة دولارات دول الخليج (الفارسي) المودعة في البنوك الأمريكية".
لأن واشنطن لم تسمح للدول العربية بسحب تريليون دولار إبان هجمات 11 سبتمبر/أيلول والأزمة الاقتصادية عام 2008.
وبحسب الصحيفة التركية تفيد مصادر مطلعة بأن "ترامب، الذي فرض تعريفات جمركية إضافية على عدة دول بحجة حماية الأمن القومي، يخطط للاستيلاء على أموال السعودية المودعة في بنوك بلاده بحجج مشابهة.
وأما الأصول الخليجية التي يطمع بها ترامب فهي ليست الأموال الساخنة المودعة في البنوك فحسب، بل إن أسهم الشركات المملوكة للعرب والمتداولة في بورصة نيويورك وكذلك الشركات المؤسسة بشراكة أمريكية – سعودية في خطر.
فمخطط ترامب لمصادرة عائدات النفط، الذي أثار حالة توتر في دول الخليج (الفارسي)، قد أوقف طرح شركة (أرامكو) السعودية، التي تعتبر أكبر شركة نفط في العالم، للاكتتاب العام.
أشارت تقارير إعلامية إلى ان "الإدارة السعودية أوقفت طرح أرامكو للاكتتاب العام بعدما خططت لفعل ذلك في بورصة نيويورك".
وجاء في الخبر الذي نقلته "رويترز" استنادا لتصريحات أربعة مسؤولين رفيعي المستوى أن الرياض أنهت مهام خبراء التمويل المنوط بهم العمل على الأمر بعدما ألغيت خطة طرح أسهم الشركة بالبورصة.
وقال مصدران أدليا بتصريحات إن "أرامكو تركز على الاستحواذ على حصة استراتيجية بشركة البتروكيماويات الوطنية SABIC".
وكان من المتوقع أن يكون طرح 5% من أسهم أرامكو للاكتتاب العام هو أكبر عملية طرح في البورصة في العالم. وهناك ادعاءات مفادها أن أرامكو ربما تلجأ إلى بورصات بديلة لبورصة نيويورك.
من ناحية أخرى، علّق يوسف جواهر، رئيس مجلس إدارة شركة جواهر القابضة، على هذه التطورات بقوله "لا تسأل واشنطن عن مصدر الأموال القادمة إليها من الخليج (الفارسي)، لكن الشركات الخليجية عندما ترغب بسحب هذه الأموال تعترضهم البنوك الأمريكية بعبارة "من أين لك هذا؟"، فهذا هو الحال منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول".
لكن ليس هناك مشكلة طالما أن عائدات النفط محفوظة في أمريكا التي لا تسمح بخروج الأموال إلا في صورة مشتريات مواد ومعدات، ولا تسمح أبدا بخروج الأموال في صورة نقدية، إذ إن هناك الكثير من الشركات السعودية حاليا صارت تحت الرهن بسبب عدم سماح واشنطن بخروج أموالها.
ولهذا السبب فإن العديد من المشاريع في السعودية قد توقفت بسبب المصاعب التي تواجهها تلك الشركات، كما تواجهها الشركات العاملة في مشروع نويم الذي سيمتد على طول سواحل خليج العقبة والبحر الأحمر شمال غربي المملكة. فهذا الوضع يبرهن على أن دولا كالسعودية والإمارات والكويت والبحرين تتعاون مع الولايات المتحدة بتلقيها سلسلة من الأوامر واجبة التنفيذ.
وقال قادر تونا، مدير مركز الأبحاث المصرفية بجامعة إسطنبول، فقد قيّم الموضوع بوجهة نظره المختلفة تماما، إذ لفت الانتباه إلى أن "مسألة مصادرة الولايات المتحدة للأموال الخليجية كانت مطروحة حتى قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض"، موضحا أن هذه الاحتمالية لم تكن قوية إلى هذا الحد في أي وقت مضى.
وأضاف ان "من المتوقع مصادرة ترامب لأموال السعودية عن طريق اختلاق لبعض الحجج المختلفة".
واشار تونا الى ان "العلاقة المالية للسعودية والإمارات بالولايات المتحدة أبعد بكثير من علاقة عادية بين مستثمر ومصرفي. وإذا نظرنا كذلك إلى المسألة من وجهة نظر نظام الصيرفة العالمي، سنجد أن الإبقاء على هذه المبالغ الطائلة لسنوات في البنوك الأمريكية يعتبر مسألة غير طبيعية".
وأفاد الخبير الاقتصادي التركي بأن أموال الخليج (الفارسي) التي تبلغ نحو 4 تريليونات دولار تحمل أهمية كبيرة للبنوك الأمريكية، مضيفا "ذلك أن هذا الوضع لا يمكن إدراجه تحت أي بند من بنود القانون الدولي، فالسعودية مرتبطة بشكل قوي لا يصدق بالولايات المتحدة".
وأما قطر فقد استقلت بالكامل، فيما لا تزال الكويت تسير في طريق السعودية والإمارات. فهذا القدر من الاستسلام يشكل خطرا كبيرا للغاية. وبغض النظر عن بقاء ترامب من عدمه، فأنا لا أعتقد أن هذه الأموال ستعاد إلى دول الخليج (الفارسي) أبدا، لكن ترامب ربما يعلن في أي لحظة أنه صادر هذه الأموال بشكل رسمي. انتهى/م.
اضف تعليق