أخمِد حريق كاتدرائية نوتردام العريقة الذي أثار صدمة وحزنا في مختلف أنحاء العالم، بشكل كامل صباح اليوم الثلاثاء بعد 8 ساعات من اندلاعه، فيما أكدت السلطات الفرنسية أنها تستبعد فرضية أن يكون عملا متعمدا مع بدء تدفق التبرعات لإعادة بناء هذا الصرح التاريخي.
والحريق الذي اندلع عند الساعة السابعة مساء أمس في الكاتدرائية التاريخية وأدى إلى انهيار برج الكاتدرائية القوطية الذي شيد بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر، والبالغ ارتفاعه 93 مترا وسقفها، أثار صدمة وحزنا في مختلف أرجاء العالم.
وأعلن المتحدث باسم جهاز الإطفاء في باريس، غابريال بلوس "تم إخماد الحريق بشكل كامل. نحن الآن في مرحلة تقييم الوضع"، وأضاف أن "النار العنيفة كانت استعرت بسرعة كبيرة في السقف الخشبي على مسافة ألف متر مربع تقريبا". وشرح بلوس أنّ المهمة تنحصر الآن في مراقبة هياكل البناء وحركتها وإخماد أي بقايا لبؤر محتملة، وأشار إلى أنّ جزءاً من القوس سقط في الكاتدرائية وأنّ نحو 100 إطفائي "لا يزالون حاضرين وسيبقون في الموقع طيلة اليوم".
من جانبه، قال الأسقف باتريك شوفيه، كبير قساوسة كاتدرائية نوتردام إنه تم إنقاذ إكليل الشوك المصنوع من القصب والذهب ورداء يعتقد أن الملك سان لويس ملك فرنسا في القرن الثالث عشر ارتداه. وبحسب محطة "بي إف إم تي في" الفرنسية سيتم نقل تلك المقتنيات والأعمال الفنية إلى متحف اللوفر.
ونقلت التماثيل النحاسية التي تجسد الحواريين الاثني عشر وكتاب الأناجيل الأربعة الأسبوع الماضي بواسطة رافعة في إطار أعمال الترميم.
ماكرون: الأسوأ تم تجنبه
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "الأسوأ تم تجنّبه" في الحريق الضخم الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام، متعهداً بإعادة بناء المعلم التاريخي.
ولدى تفقده كاتدرائية نوتردام (السيدة العذراء) في وسط العاصمة، قال ماكرون وقد بدا عليه التأثر أمام ألسنة النيران التي كانت ما تزال تلتهم الكنيسة إن "الأسوأ تم تجنبه حتى وإن كنا لم ننتصر في المعركة بعد"، مضيفا "سنعيد بناء نوتردام". وأشاد ماكرون بالشجاعة البالغة لرجال الإطفاء، قائلا إن فرنسا يجب أن تفخر بـ"كل أولئك الذين ناضلوا حتى لا يحدث الأسوأ، إنهم جنود (مكافحة) النيران".
400 إطفائي يشاركون في إخماد الحريق
وفق ما أعلن جهاز الإطفاء الفرنسي فإن نحو 400 رجل إطفاء شاركوا في مكافحة النيران، وتمكنوا من إنقاذ برجي الجرس والجدران الخارجية للكاتدرائية، إلا أن السقف انهار كما انهار برج الكاتدرائية الذي يعود تاريخه إلى ثمانية قرون.
وأفاد قطاع الإطفاء في باريس بأن اثنين من رجال الشرطة وأحد رجال الإطفاء أصيبوا بإصابات طفيفة في الحريق، مؤكدا تمكن رجال الإطفاء من إنقاذ مبنى الكاتدرائية وإنقاذ أهم القطع الفنية بداخلها. وأفادت فرق الإطفاء بأن الحريق "مرتبط على الأرجح" بورشة الترميم التي تشهدها الكاتدرائية البالغ عمرها 850 عاما والمدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1991.
وأعلن وزير الدولة للداخلية الفرنسية، لوران نونيز، أن "خطر النيران قد أبعد، لكن التساؤلات الآن هي معرفة كيف يمكن لهذا البناء أن يصمد". وأضاف نونيز خلال مؤتمر صحفي "سيعقد بالتالي اجتماع مع خبراء ومهندسين معماريين من فرنسا لمحاولة تحديد ما إذا كان المبنى ثابتا، وما إذا بإمكان رجال الإطفاء العمل في داخله لمواصلة مهمتهم".
وتابع أن سبب الحريق ما يزال غير معلوم وإن السلطات تواصل تحقيقاتها لمعرفة كيف اندلع الحريق.
وقال وزير الثقافة فرانك رييستير لمحطة (سي نيوز) التلفزيونية "إنها رمز لبلدنا كان مهددا بالدمار"، مضيفا أن رجال الإطفاء الذين دخلوا الكاتدرائية المحترقة أنقذوا العديد من كنوزها، لكن بعض اللوحات ما تزال في الداخل ومهددة بالتلف بسبب الدخان والمياه.
بدروه، أوضح مدعي عام باريس، ريمي هيتز، أنه تم فتح تحقيق بتهمة "تدمير غير متعمد عبر حريق"، يشارك فيه 50 محققا. وأوضح مصدر مقرب من الملف لـ"أ.ف.ب." أن فرضية حريق عرضي بسبب أعمال الترميم "يركز عليها المحققون". فيما ذكرت الشركة القائمة بأعمال الترميم أنها اتبعت كافة إجراءات الأمن والسلامة في أعمالها، وفتحت تحقيقا مع جميع الموظفين العاملين في المشروع.
مليون و600 ألف تغريدة حزناً على "سيدة باريس"
وفي الوقت الذي عبر فيه أغلب قادة وزعماء العالم عن صدمتهم وتضامنهم مع فرنسا وشعبها من حريق الكاتدرائية، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي "ثورة غضب وحزن" على الجانب الآخر، جراء الحريق في "نوتردام"، معربين عن تضامنهم مع فرنسا في تلك الفاجعة.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، فإن عدد التغريدات التضامنية على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، خلال 10 ساعات فقط من اندلاع الحريق، بلغ نحو مليون و600 ألف تغريدة لسياسيين وزعماء دوليين، ورياضيين، أبرزهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وسلفه باراك أوباما وزوجته ميشيل، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريش، ولاعب الكرة البرازيلى نيمار.
وبجانب التدوينات، أعرب الفاتيكان عن "حزنه" لاحتراق الكاتدرائية. واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنّ الكاتدرائية هي "رمز لفرنسا ولثقافتنا الأوروبية". كما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحريق يخلف "ألما في قلوب الروس"، واقترح إيفاد "أفضل المتخصصين" الروس للمساعدة في إعادة البناء.
بدوره، أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ أن بلاده تشعر بـ"حزن شديد"، ووصف الكاتدرائية بأنّها "كنز رائع للحضارة البشرية". كما عبّرت الملكة إليزابيث عن "حزن عميق" إزاء الحريق المدمر، وذلك في رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
من جهتها، أكّدت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي وقوف المنظمة "إلى جانب فرنسا لحماية وترميم هذا التراث الذي لا يقدر بثمن".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصف الحريق بـ"الفظيع"، واقترح استخدام طائرات مخصّصة لمكافحة الحرائق لإخماده.
وفي العالم العربي، قال شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيّب في تغريدة "أشعر بالحزن تجاه حريق كاتدرائية نوتردام بباريس، هذه التحفة المعمارية التاريخية. قلوبنا مع إخواننا في فرنسا، لهم منا كلّ الدعم". فيما توالت ردود الفعل التضامنية من كافة أرجاء الوطن العربي.
أكثر من 400 مليون يورو تبرعات أولية لعمليات الترميم
دفع الحريق في كاتدرائية نوتردام التاريخية الكثيرين في دول العالم لإطلاق حملات للتبرع من أجل إعادة بناء الكاتدرائية. وأعربت عائلة الملياردير الفرنسي برنار أرنو، المالكة لمجموعة " إل.فى.إم.إتش" للسلع الفاخرة في تغريدة على حسابها بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، عن تضامنها مع تلك الفاجعة الوطنية. وذكر بيان صادر عن عائلة "أرنو" أن العائلة ومجموعة "إل.فى.إم.إتش" قررتا التبرع بمبلغ 200 مليون يورو للإسهام في ترميم كاتدرائية نوتردام.
وفي الوقت الذي اقترحت فيه رئيسة بلدية باريس آن ايدالغو الثلاثاء عقد "مؤتمر دولي للمانحين" في العاصمة الفرنسية بهدف إعادة البناء، تعهد الملياردير الفرنسي فرانسوا هنري بينو، زوج الممثلة الشهيرة بهوليود سلمى حايك، أمس، تقديم 100 مليون يورو لإعادة بناء نوتردام، وفقا لـ"أ.ف.ب.".
وقال بينو رئيس مجلس إدارة مجموعة كيرينج التي تملك العديد من العلامات التجارية الفاخرة مثل "جوتشي" و"إيف سان لوران"، في بيان إن مبلغ 100 مليون يورو سيخصص لتمويل "جهود إعادة بناء نوتردام بالكامل" وستدفعه شركة أرتيميس الاستثمارية التي تملكها عائلته.
وتعهد الرئيس التنفيذي لمجموعة توتال النفطية الفرنسية العملاقة، باتريك بويانيه، بالتبرع بـ100 مليون يورو لإعادة بناء الكاتدرائية، كما أعلن رئيس حزب الجمهوريين (اليميني) لوران فوكيه التبرع بمليوني يورو.
وفي الولايات المتحدة، أطلق كثيرون حملات جمع تبرعات لمعالجة آثار الحادث حتى قبل انتهاء الحريق، وكانت منظمتا "فرنش هيريتيدج سوسايتى" و"جو فند مي" من أوائل المنظمات التي بدأت حملات جمع أموال لصالح المَعْلم الفرنسي الشهير.
وقال المتحدث باسم موقع "جو فند مي"، جون كونفينتري، أن الموقع أطلق أكثر من 50 حملة جمع تبرعات، مضيفا أنه سيتم التنسيق مع السلطات لإيجاد أفضل الطرق للاستفادة من الأموال التي سيتم جمعها.
وفي روسيا، أعلن فلاديسلاف كونونوف رئيس إدارة المتاحف بوزارة الثقافة الروسية، أنه سيقترح على إدارات المتاحف الروسية والمواطنين حملة لجمع التبرعات لترميم الكاتدرائية المنكوبة، وقال كونونوف "أعتقد أن المبادرة ستنال الدعم والتأييد اللازمين"، مضيفا أن هذه مأساة صعبة، وسيكون من الصحيح تقديم المساعدة الممكنة في ترميم هذا الصرح الفريد.
لماذا تأخر إخماد الحريق لـ8 ساعات؟
على مدى 8 ساعات استمرت النيران مشتعلة في كاتدرائية نوتردام، قبل أن يتمكن نحو 400 رجل إطفاء من السيطرة على الحريق الضخم تحت أنظار آلاف الفرنسيين والسياح الذين تجمعوا وهم يراقبون المشهد بحزن شديد، ووسط حالة من الحزن عمت أرجاء العالم على المعلم الأثري.
وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن النيران بدأت أولا في سقف الكاتدرائية، التي تم تشييدها قبل 855 عاما، وتخضع منذ العام الماضي لعملية إعادة ترميم، قبل أن تنتقل النيران إلى أحد أبراجها الذي تهاوى بفعل الحريق الهائل.
ويرى خبراء أن عوارض السقف الخشبية في الكاتدرائية، التي تعود إلى قرون من الزمان، أسهمت بشكل كبير في اتساع رقعة الحريق في وقت قصير، وهو ما صعّب مهمة رجال الإطفاء، إذ إن أحجار القرميد التي تعتلى العوارض الخشبية تحجز الحرارة والدخان في الداخل، في وقت كانت تعمل خراطيم المياه من الخارج.
ونقلت شبكة "سى.إن.إن" الأميركية عن جريج فافر، رجل الإطفاء السابق في إدارة مكافحة الحرائق في سانت لويس في الولايات المتحدة، قوله "كان واضحا جدا في أول 20 دقيقة أنه سيكون حريقا سيئا. وشكل علو سقف الكاتدرائية تحديا لرجال الإطفاء، حيث إن هذا الارتفاع يزيد من كمية الأكسجين التي تشعل اللهب، كما عقّد ذلك الارتفاع الجهود للوصول إلى النيران في الأعلى".
وقال جلين كوربيت، الأستاذ المساعد لعلوم الإطفاء بكلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيويورك، إن فكرة إخماد الحريق من الجو تحتاج إلى بعض الوقت لتنفيذها، مما زاد من ألسنة اللهب.
وأرجع كوربيت استبعاد استخدام المروحيات في إطفاء الحريق، إلى أنه لا يمكن لطائرة هليكوبتر الاقتراب من الهواء الساخن المتصاعد من ألسنة اللهب.
وقالت وكالة الأمن المدني الفرنسية إن أي إلقاء للمياه من الجو لإخماد الحريق يمكن أن يضعف هيكل الكاتدرائية، ويؤدى إلى أضرار جانبية للمباني في المنطقة المجاورة.
وحذر الخبراء منذ سنوات عدة، من أن الكاتدرائية في حالة سيئة، وتحتاج الترميم، في وقت لم تتمكن الدولة من تمويل أعمال التجديد في العقود الأخيرة.
الإعلام الغربي يوثق الفاجعة
تصدرت صور حريق كاتدرائية نوتردام الصفحات الأولى للصحف الغربية، اليوم، التي سلطت الضوء على حجم المأساة. وعنونت صحيفة "لاكروا" الفرنسية صفحتها الأولى بجملة "قلب من رماد"، فيما وصفت صحيفة "ليزيكو" الحريق بـ"مأساة فرنسا"، مضيفة أن "الحريق العنيف دمر الكاتدرائية، مفجرا عاصفة من العواطف على مستوى العالم".
وجاء عنوان صحيفة "لوباريزيان" في صفحتها الأولى "دموع نوتردام"، بينما وصفت صحيفة "ليبراسيون" الحادث بـ"مأساتنا". ووصفت صحيفة "لوفيغارو" الحريق بـ"الكارثة"، مشيرة إلى أن "مشاعر التضامن والحزن تدفقت من كل أنحاء العالم".
وخصصت الصحف البريطانية مساحات واسعة لتغطية حادث حريق كاتدرائية نوتردام، وجاء عنوان صحيفة (التايمز) "معركة إنقاذ نوتردام"، مشيرة إلى أن الحريق استغرق 8 ساعات فقط لتدمير كنيسة عمرها 855 عاما.
وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية "جحيم شيطاني يبدد تسعة عقود من التاريخ"، بينما اتخذت صحيفة "ديلي تليغراف" صورة درامية للحريق وقت الغسق وكتبت أسفلها عنوان "باريس تبكي سيدتها العزيزة (الكنيسة)"، مشيرة في تقريرها إلى أن الحريق "مزق قلب باريس إربا".
وجاءت الصفحة الأولى لصحيفة "جارديان" بعنوان "جحيم يلتهم كنيسة نوتردام"، مشيرة إلى أن سبب الحريق لا يزال مجهولا، ولكن الشرطة ترجح أن أعمال البناء قد يكون لها دور في إشعال اللهب، في حين عنونت صحيفة "اكسبريس" صفحتها الأولى قائلة "أمة تنتحب". وقالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية "نوتردام تحترق... تاريخ تسعة عقود يتحطم".
ووصفت صحيفة "ذا صن" الحريق قائلة "Notre Doom" بدلا من "Notre Dame" في إشارة إلى أن الكاتدرائية "سقطت إلى الهلاك"، مستخدمة صورة لحظة انهيار البرج.
كما سلط الإعلام الأميركي الضوء على الفاجعة التي أصابت فرنسا، حيث قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن "فرنسا تحترق"، وجاء عنوان افتتاحيتها "فرنسا التي تعاني من فوضى تبكي رمز هويتها الراسخة"، مشيرة إلى أن الحريق جاء بينما تعاني البلاد من أزمة مظاهرات "السترات الصفراء".
وسلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على صدمة الحشود وغناء بعض شهود العيان أمام الكنيسة التي كان يرتفع منها اللهب، مرددين ترانيم "آفي ماريا" وهي من أشهر وأقدم الصلوات باللغة اللاتينية، وتعني "السلام عليك يا مريم"، كما أشارت إلى حملة التبرعات الدولية لإعادة إعمار الكاتدرائية المنكوبة.
نوتردام... 8 قرون من الشموخ
وتُعدُّ كاتدرائية نوتردام الصرح التاريخي الذي يستقطب أكبر عدد من الزوار في أوروبا، وهي مدرجة على لائحة التراث العالمي منذ عام 1991. ويزور ما بين 12 و 14 مليون سائح كل سنة هذه التحفة المعمارية القوطية والواقعة في جزيرة المدينة.
ويُعرف الصرح عالميا بهندسته المعمارية، لكنّه اكتسب أيضا شهرة بفضل رواية فيكتور هوغو "أحدب نوتردام"، التي اقتبست عدة مرات في السينما والعروض المسرحية الغنائية.
و كاتدرائية "نوتردام" جزء لا يتجزأ من تاريخ فرنسا، فهذه التحفة الفنية، في قلب مدينة باريس، شهدت الحروب والهزائم والانتصارات، وزواجا ملكيا، والتتويج.
وعلى جدران الكاتدرائية التي بدأ تشييدها عام 1163، تحت قيادة الأسقف موريس دو سولي في عهد لويس السابع، روى التاريخ الفرنسي، فكل ركن من أركانها شاهد على حدث في تاريخ فرنسا، بداية من العصور الوسطى وإصلاحات الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا، مرورا بالثورة الفرنسية وتتويج نابليون الأول عام 1804، وصولا للحربين العالميتين.
وفي عام 1944، احتضنت الكاتدرائية احتفالات تحرير فرنسا من النازية، وعام 1970 نُظِّمت داخلها مراسم جنازة مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة الجنرال شارل ديغول، كما إلى جانب جنازتي الرئيس الفرنسي الأسبق جورج بومبيدو عام 1974، والرئيس فرنسوا ميتران سنة 1996. واحتفلت في 2013 بمرور 850 عاما على تشييدها، وفق موقعها الرسمي.
ومن أبرز المفارقات أن يخيم الحزن على "الكاتدرائية القوطية" باحتراقها في مطلع أسبوع الآلام، الذي يحيى فيه المسيحيون ذكرى دخول المسيح للقدس وصلبه.
ولم يغب البعد الدرامي عن مأساة الكاتدرائية، فقبل 3 قرون تنبأ الروائي الفرنسي الشهير، فيكتور هوجو، بتلك الفاجعة في روايته "أحدب نوتردام"، قائلا "على رأس البرج تتصاعد ألسنة اللهب، في مشهد مهيب حتى دمرته النيران وتهاوى"، وكأنه يروي مشهد حريق الكاتدرائية، أمس، الذي أثار صدمة وحزن العالم.
اضف تعليق