نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحافي آرون بليك، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حث يوم الأحد بعض عضوات الكونغرس على العودة إلى البلدان التي قدمن منها.
ويشير بليك في مقاله، الذي ترجمه موقع "عربي21"، إلى أن "المشكلة، التي هي أبعد من الإيحاءات التاريخية البشعة لمثل تلك المشاعر، هي أن ثلاثا من النساء الأربع اللواتي يبدو أن ترامب يتحدث عنهن ولدن في أمريكا".
ويقول الكاتب إن "تغريدات ترامب حول هذه الأمور تتم صياغتها بحرص، بما يكفي ليمنحه مساحة للإنكار، لكن من الواضح أن هذه التغريدة كانت موجهة لثلاث عضوات كونغرس ولدن في أمريكا، بالإضافة إلى لاجئة أصبحت عضو كونغرس، وتجعلهن من الأجانب، وتطالبهن بالعودة إلى البلدان التي ولدن فيها".
وتنقل الصحيفة عن ترامب، قوله في تغريدته: "من المثير أن نرى عضوات كونغرس ديمقراطيات (تقدميات)، قدمن أصلا من بلدان حكوماتها كارثية تماما، والأسوأ والأكثر فسادا وحمقا من أي مكان في العالم (إن كانت لديهم حكومة فاعلة أصلا)، يقمن اليوم، بصوت عال وبشراسة، بإخبار شعب الولايات المتحدة، أعظم وأقوى أمة على وجه الأرض، كيف يجب أن تدار حكومتنا".
وأضاف ترامب: "لماذا لا يذهبن إلى بلادهن ويساعدن في إصلاح تلك البلدان المحطمة والمليئة بالجريمة التي قدمن منها، ثم يعدن هنا ويخبرننا كيف.. يمكن فعل ذلك، تلك الأماكن بحاجة ماسة إلى مساعدتكم، فعليكم المغادرة بسرعة".
ويلفت بليك إلى أن الجزء الأهم من التغريدة، هو قوله: "أنا متأكد أن نانسي بيلوسي ستكون سعيدة في ترتيب السفر المجاني".
ويعلق الكاتب قائلا: "هناك شخص من الواضح أنه مستهدف من هذه التغريدات، وهي النائبة إلهان عمر (ديمقراطية – عن مينيسوتا)، ومشاعر ترامب هذه تعكس مقطعا مثيرا للجدل من مقدم برامج (فوكس نيوز)، تاكر كارلسون، الأسبوع الماضي، حث فيه النائبة إلهان عمر، المولودة في الصومال، إلى العودة إلى البلد الذي ولدت فيه، مدعيا أن لديها (كراهية مكشوفة للولايات المتحدة وشعبها)، ويبدو أن ترامب شاهد المقطع وقام باجتراره في تغريداته، كما يفعل عادة في برامج (فوكس نيوز)".
ويستدرك بليك بان "تغريدات ترامب لم تشر إلى نائبة واحدة في الكونغرس، لكنها أشارت إلى النائبات الديمقراطيات (التقدميات)، بالإضافة إلى عمر، هذه قائمة تظهر أين ولد أعضاء الكونغرس الديمقراطيون، وفقًا لقائمة جمعها مركز (بيو) للأبحاث، إلى جانب بلدانهم الأصلية:
النائبة براميلا جايابال (واشنطن)، الهند
النائبة ديبي موكارسيل باول (فلوريدا)، الإكوادور
النائبة ستيفاني ميرفي (فلوريدا)، فيتنام
النائبة نورما ج. توريس (كاليفورنيا)، غواتيمالا".
ويقول الكاتب: "يجب الانتباه إلى كيفية إنهاء ترامب لتغريدته، فقال إن بيلوسي ستكون سعيدة بترتيب سفر النائبات إلى البلدان التي قدمن منها أصلا، ففي ذلك إشارة إلى الصراع الداخلي حديثا بينها وبين أعضاء الحزب الأكثر ليبرالية، وفي ذلك إشارة إلى أن بيلوسي ستكون سعيدة بذهابهن".
وينوه بليك إلى أن "ديبي موكارسبل – باول، لم تتورط في ذلك، وستيفاني ميرفي معتدلة ووقفت مع بيلوسي، فإن هذا يترك براميلا جايابال النائبة الوحيدة المولودة في بلد آخر من النائبات (التقدميات) في الحزب الديمقراطي اللواتي يتحدث عنهن بالإضافة لعمر، وقالت جايابال إن تعليقات بيلوسي حول النائبة ألكساندريا أوكاسيو- كورتيز (ديمقراطية عن نيويورك) وغيرها (لا تساعد)".
ويتساءل الكاتب: "هل كان ترامب يتحدث عن عضوة ولدت في الهند؟ وقد وصف الحكومات في بلدان مولد النائبات على أنها (كارثية والأسوأ والأكثر فسادا وحمقا في أي مكان في العالم) ويمكن أن يعد عدد من الناس أن ذلك قد يكون صحيحا في بلدان مثل الصومال والإكوادور وغواتيمالا، لكن الهند؟".
ويؤكد بليك أن "ذلك لا يتوافق مع ترامب نفسه، فقبل أسبوعين، قال ترامب عن الهند لدى لقائه برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي: (الهند تعمل عملا حسنا)، وقال ترامب في أواخر عام 2017 بأن مودي (رجل رائع ويقوم بعمل رائع في جمع العديد من الفصائل في الهند ويوحدهم جميعا، هذا ما أسمعه، وتلك أخبار جيدة، وهي في الواقع كذلك، فهناك العديد من التقارير الجيدة القادمة من الهند)".
ويذكر الكاتب أن ترامب غرد في أيار/ مايو بعد فوز مودي في الانتخابات، قائلا:
"تهانينا لرئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه حزب (بي جي بي) على فوزهم الكبير! هناك أمور عظيمة مخبئة للشراكة الهندية الأمريكية مع عودة رئيس الوزراء مودي إلى الزعامة، أتطلع إلى الاستمرار في عملنا المهم معا!".
ويعلق بليك قائلا: "من الواضح أن ترامب لم يكن يتحدث عن عودة جايابال إلى الهند، بل كان يتحدث عن عمر وأخريات، والتفسير المنطقي هو أنه كان يتحدث عن عضوات أخريات من المجموعة التي اصطدمت مباشرة مع بيلوسي في الأيام الأخيرة: أوكازيو- كورتيز والنائبة رشيدة طليب (ديمقراطية عن متشيغان) والنائبة أيانا بريسلي (ديمقراطية عن ماستشوستس)".
ويفيد الكاتب بأن "أوكازيو – كورتيز عائلتها من بورتوريكو (التي هي أراض أمريكية) وولدت في نيويورك، أما طليب فهي أمريكية فلسطينية مولودة في ديترويت، وبريسلي سوداء مولدة في سنسيناتي".
ويجد بليك أنه "لذلك فإن الحال ليس أن ترامب يثير جدلا تاريخيا بشعا حول المهاجرين، لكن من الواضح أنه يصف بالآخرين ذوي البشرة السمراء في الكونغرس كلهم، ملمحا إلى أنهم أجانب، الذين كما ألمح كارلستون، قد لا يحبون هذا البلد".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "تلك مشاعر رهيبة، خاصة عندما تصدر عن رئيس للولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنها لا يمكن أن تفهم خطأ".
اضف تعليق