سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، الضوء على معتقدات الشيخ الشيعي البارز، نمر النمر الذي أعدمته السعودية مطلع الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن تنفيذ حكم الإعدام بحقه في الرياض، أدى إلى وصول منطقة الشرق الأوسط إلى نقطة الغليان، ولكن معتقداته كانت أكثر تعقيدًا مما يتصور أي شخص.
وقالت المجلة إنه بمجرد تنفيذ حكم الإعدام بحق، النمر، بدا الشرق الأوسط برمته حريص على تصوير حياة الشيخ الشيعي ووفاته، كل بطريقة تخدم مصالحه الشخصية، فإيران والطائفة الشيعية اتخذته كدليل قاطع لإثبات الطبيعة الطائفية والظالمة للنظام السياسي السعودي، أما الموالين للرياض صوروا النمر بأنه مؤيد لطهران ينتهج الأفكار الإرهابية.
وأردفت أن الأمر وصل بالبعض إلى أنهم وصفوه بقائد تنظيم "حزب الله الحجاز"، وهو التنظيم الشيعي الذي ظهر بين 1980 و1990، للإطاحة بالنظام الحاكم بالسعودية، مضيفة أنه كان من المفترض إضفاء بعض الشرعية على قتل النمر، الذي تم إعدامه في نفس اليوم الذي تم تنفيذ حكم الإعدام بحق متشددين فعليين من تنظيم "القاعدة".
وأشارت المجلة إلى حقيقة العلاقة التي كانت تربط النمر بإيران، قائلة إنها كانت أكثر تعقيدًا مما قاله القادة الإيرانيين والسعوديين على حد سواء، حيث إنه كان لديه قواسم مشتركة مع ثوار الربيع العربي، أكثر من القواسم التي تربطه بالجهاديين الذين أُعدموا معه، أو بتلك التي تربطه برجال الدين الذين يحكمون في طهران.
وأوضحت أنه لم يكن أبدًا جزءًا من جماعة "حزب الله الحجاز"، ولكنه في الحقيقة جاء في عصر "ولاية الفقيه", المنظمة المتناحرة التي تم طردها من إيران بسبب وجهات نظرها تجاه نظام الحكم في طهران.
وأفادت بأن النمر ولد عام 1959، في مدينة العوامية، وهي مدينة فقيرة، في محافظة القطيف بشرق السعودية، ودخل إلى عالم السياسة في أواخر عام 1970، عندما انتشرت حركة "الشيرازي" بقيادة محمد مهدي الشيرازي، في الخليج الفارسي، وبدأت في تجنيد الشباب الشيعة، مشيرة إلى أن هذه الحركة كان لها مؤيدين في البحرين والكويت والسعودية.
وتابعت أن الفرع السعودي لحركة "الشيرازي" نظم انتفاضة قصيرة الأجل، في عام 1979، وكانت مدينة "العوامية" أحد مراكزها، مضيفة أنه عقب سحق هذا التمرد، ذهب عشرات من الشيعة السعوديين، بمن فيهم النمر، إلى المنفى في إيران، حيث تم تدريبهم.
وأوضحت أنه عندما اختلفت حركة "الشيرازي" مع السلطات الإيرانية في منتصف عام 1980، أصبح النمر، مدرس في حوزة الحركة في ضاحية دمشق، السيدة زينب، والتي أصبحت بعد ذلك مركز لـ"الشيرازي".
وأشارت إلى أنه عقب اشتعال الاختلاف مع السلطات الإيرانية، بالكاد كان هناك وجودًا للشيرازي في المدينة، كما أن العراق في عهد الرئيس الراحل، صدام حسين، كانت محظورة بالنسبة لهم، لذلك أصبحت "السيدة زينب" المكان الأفضل لهذه الشبكة العابرة للحدود.
وأضافت أنه بعد أكثر من عقد من الزمن في المنفى، عندما بات الشيعة السعوديين التابعين لحركة "الشيرازي" غير قادرين على تحقيق أهدافهم, التي تصب على تغيير النظام السياسي في المملكة العربية السعودية وتحسين أوضاع الشيعة السعوديين، بدأت الحركة في التفكير للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة السعودية.
وأفادت أنه في وقت مبكر من عام 1990، كانت هناك تسوية سياسية على الطاولة بين الجانبين، حيث شمل الإتفاق بين "الشيرازي" والسلطات السعودية على إقرار عفو عام يقدمه الملك فهد، مقابل وقف الأنشطة المعارضة للحركة.
وأوضحت أن النمر ومجموعة من الرجال معه، عارضوا هذا الاتفاق، إلا أنه لم يستطيع أن يمنعه، وعندما عاد الشيخ الشيعي إلى السعودية، ذهب إلى مسقط رأسه في "العوامية"، حيث أصبح إمامًا في مسجد صغير.
وأكدت أن النمر، اشتهر بإطلاقه العديد من التصريحات المعارضة للنظام السعودي، ففي مارس 2009 وجّه انتقادات عنيفة للحكومة بسبب أحداث "البقيع" وطالب بانفصال المنطقة الشرقية عن السعودية، إذا كانت حقوق الأقلية الشيعية لم تحترم، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله، وعند إطلاق سراحه بفترة وجيزة، فضل النمر الاختباء لتجنب الاعتقال، إلا أنه ظهر من جديد في عام 2011، تزامنًا مع الانتفاضات في المنطقة الشرقية والبحرين.
وأوضحت أن النمر كان الشيخ الشيعي الوحيد الذي تدعمه جميع الحركات الاحتجاجية، مشيرة إلى أنه اعتقد أن نجاح الثورة في البحرين، من شأنه أن يغير الوضع في المنطقة الشرقية، وهو ما فكرت فيه السعودية مما دفعها لإرسال قواتها المسلحة إلى البحرين في مارس عام 2011 لقمع الاحتجاجات هناك.
وقالت إن النمر كان يحث الشباب على الاحتجاج لدعم البحرين، ومعارضة الأسرة الحاكمة في السعودية، مما أدى إلقاء القبض عليه أخيرًا في عام 2012، أثناء مداهمة استهدفت "العوامية"، حيث تم إصابته بعيار ناري في الساق، مضيفة أنه خلال الفترة التي قضاها في السجن، رفض أن يعيد النظر في آرائه السياسية والاعتذار عن تصريحاته.
وذكرت أن إعدامه كان بمثابة مفاجأة للكثيرين، بينما كان عدد من الجهود الدبلوماسية المحلية والدولية جارية لمنع تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه.
اضف تعليق