مع اقتراب نهاية عام 2022، رصدت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية في تقرير أبرز 10 مخاطر عالمية متوقعة في عام 2023، ومنها ما يتعلق بحرب أوكرانيا والأمن الغذائي وإيران والصين.
وقالت المجلة، في مقدمة التقرير، إن هذا الرصد جاء بالاعتماد على سنوات خبرتها العديدة في توقع المخاطر، والاتجاهات العالمية في مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي، حيث تم تكليفها تزويد قادة الولايات المتحدة بتحليلات ورؤى بعيدة المدى.
وأوضحت أنها حددت المخاطر العالمية الكبرى في عام 2023 من منظور الولايات المتحدة، ومن منظور عالمي، وفق التالي:
1- الأزمات المتعددة للحرب الأوكرانية
لا تزال نهاية الحرب في أوكرانيا، وكيف ومتى ستحدث لغزاً. ومع ذلك، توجد سلسلة من الأزمات المتعددة والمتتالية للحرب، والمتعلقة بالطاقة وانعدام الأمن الغذائي والتضخم والتباطؤ الاقتصادي.
ومع حلول فصل الشتاء، وتباطؤ الحرب، سيعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بلا شك، على تكثيف استراتيجيته القائمة على الاستنزاف، بمهاجمة البنية التحتية للطاقة والمياه في أوكرانيا، ساعياً إلى جعل أوكرانيا تنهار كدولة فاعلة، قبل أن تجبره خسائره على قبول درجة معينة من الهزيمة.
وتولد الحرب مخاطر مترابطة متعددة، تشمل صراعاً متوقفاً ومستمراً. وسيحصل التصعيد إذا أرسلت الولايات المتحدة و"الناتو" أسلحة متقدمة إضافية إلى كييف رداً على قصف بوتين، ما قد يؤدي إلى استخدام روسيا الأسلحة النووية إذا حاولت كييف الاستيلاء على شبه جزيرة القرم.
2- الأمن الغذائي
يتزايد خطر انعدام الأمن الغذائي، وسلط برنامج الأغذية العالمي الضوء على "حلقة النار" من الجوع وسوء التغذية في أنحاء العالم جميعاً من أميركا الوسطى وهايتي، وشمال أفريقيا وغانا وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان والقرن الأفريقي وصولاً إلى سوريا واليمن وباكستان وأفغانستان.
وارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد من 135 مليوناً إلى 345 مليوناً منذ عام 2019، وأسهمت في ذلك حرب أوكرانيا وتغير المناخ وارتفاع تكاليف الوقود والأسمدة.
وتتزايد تكاليف الإغاثات بسبب التضخم، وبالتالي فإن المبلغ الإضافي الذي ينفقه برنامج الأغذية العالمي الآن على تكاليف التشغيل كان يطعم 4 ملايين شخص في السابق لمدة شهر واحد.
3- الاضطرابات… والمواجهة مع إيران
كما هي الحال مع حرب أوكرانيا، يمكن للانتفاضة الشعبية غير المسبوقة أن تسهم في أزمات متعددة، وهناك خطر بالفعل من اندلاع صراع أميركي أو إسرائيلي مع طهران، خصوصاً أن الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان على وشك النجاح قبل بضعة أشهر فقط، مجمد الآن، إن لم يكن ميتاً.
وتعمل إيران على تسريع إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب المطلوب لصنع قنبلة نووية، ولا تفصلنا سوى أسابيع قليلة عن امتلاك ما يكفي لإنتاج قنبلة.
4- تفاقم أزمات الديون في الدول النامية
حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) من أن 54 دولة، منخفضة ومتوسطة الدخل، تعاني "مشاكل ديون حادة".
وتمثل هذه البلدان 18 في المائة من سكان العالم، وأكثر من 50 في المائة من الأشخاص فيها يعيشون في فقر مدقع، و28 من 50 دولة تعتبر من الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي، وهناك أزمات ديون طويلة الأمد مع عواقب اقتصادية وخيمة. وتحتل البلدان المنخفضة الدخل، مثل الصومال وزيمبابوي، صدارة قائمة البلدان المتعثرة اقتصادياً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
5- ارتفاع الديون العالمية
ارتفعت ديون الشركات غير المالية (88 تريليون دولار، نحو 98 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي)، وديون الحكومات والمجموعات الكبيرة والأسر المشتركة بلغت (290 تريليون دولار بحلول الربع الثالث من عام 2022)، وجميعها آخذة في الارتفاع خلال السنوات الأربع إلى الخمس الماضية، وفقاً للمعهد الدولي للتمويل.
وهناك أزمات متعددة أسهمت في ذلك، وتتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، والركود في أوروبا والاقتصاد الصيني الضعيف، والحرب في أوكرانيا، ما يرجح أيضاً أن تؤدي كل تلك العوامل إلى أزمة مالية إقليمية أو حتى عالمية أخرى.
6- تراجع التعاون الدولي
يسهم المستوى المتدهور للتعاون الدولي في تزايد المخاطر العالمية، ما ينعكس سلباً على ملفات مثل تغير المناخ، وديون البلدان الأقل نمواً، وحطام الفضاء الخارجي، حيث تزيد المنافسة بين القوى الكبرى من صعوبة تحقيق التعاون بشأن المشكلات العالمية المشتركة.
والنظام التجاري العالمي في حالة تراجع شديد، كما حذرت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نجوزي أوكونغو إيويالا أخيراً، وقد يؤدي انهيار النظام العالمي إلى زيادة مخاطر الفقر والقومية والصراع.
وعددت المجلة أيضاً في تقريرها مخاطر تتعلق باشتداد الحرب التكنولوجية الصينية – الأميركية، خصوصاً فيما يتعلق بصناعة المعالجات الرقمية، وبتعميق التوترات بين واشنطن وبكين، وخلافات قائمة حول تايوان، وقواعد ومعايير التكنولوجيا، والتجارة، وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تفاقم آثار تغير المناخ، ومخاطر التهديدات من تجارب كوريا الشمالية الصاروخية وقدرات بيونغ يانغ النووية.
7- نظام مجزأ ومتعدد التقنية
تقدر مجموعة بوسطن الاستشارية أنه إذا حاولت القوى الكبرى تحقيق اكتفاء ذاتي واسع النطاق في أشباه الموصلات كما تريد إدارة بايدن، فقد يصل الاستثمار المسبق إلى تريليون دولار، وسترتفع الرقائق من 35 إلى 65 في المائة إضافية.
مع اشتداد الحرب التكنولوجية الصينية – الأميركية، لن تتمكن الصين من الوصول إلى عديد من المنتجات الأجنبية، وستحتاج إلى استبدال العناصر المصنوعة في الصين، ما يقوض الحافز للالتزام بالمعايير العالمية.
وجدت دراسة، أجراها معهد ماكينزي العالمي في فحص 81 تقنية قيد التطوير، أن الصين تستخدم حتى الآن معايير عالمية لأكثر من 90 في المائة منها.
في كثير من هذه الحالات، كانت بكين تعتمد على الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات بنسبة بين 20 و40 في المائة من المدخلات المطلوبة. ونظراً لأن أشباه الموصلات تلعب دوراً متزايداً في السلع الاستهلاكية جميعاً، وليس فقط الإلكترونيات أو المعدات التكنولوجية المتطورة، فمن المرجح أن تتفتت أسواق السلع الصناعية جميعاً مع زيادة التكاليف وخيارات أقل للمستهلكين.
على المدى الطويل، سيؤدي فصل الاقتصاد العالمي إلى كتلتين، غربية وصينية قائمة بذاتها، إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 5 في المائة على الأقل، وهو أسوأ من الضرر الناجم عن الأزمة المالية في 2007 – 2008، وفقاً لمنظمة التجارة العالمية.
8- تفاقم آثار التغير المناخي
انتهى اجتماع "كوب27" بإحباط أكثر من الإنجاز. ويعتقد معظم العلماء بأن العالم سيصل قريباً إلى هذه الزيادة البالغة 1.5 درجة مئوية، وبأننا نسير على الطريق لزيادة 2.2 درجة مئوية في نهاية المطاف ما لم تلتزم الدول بخفض إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 43 في المائة.
وبالتالي سينتج عن ذلك مناخ أكثر سخونة وفترات جفاف إضافية وفيضانات ممتدة، فضلاً عن التغيرات الخطيرة في أنماط هطول الأمطار التي من المقرر أن تعطل المحاصيل الزراعية.
9- التوترات الأميركية – الصينية إلى مزيد من التأزم
على الرغم من عقد قمة بايدن – شي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أطلق الزعيمان جهوداً لتحقيق الاستقرار في العلاقات، فإن الخلافات الأساسية لا تزال قائمة حول تايوان، وقواعد ومعايير التكنولوجيا، والتجارة، وحقوق الإنسان، وعدوان بكين في بحري الصين الجنوبي والشرقي.
لقد تم استئناف التجارة والحوارات العسكرية مبدئياً، لكن القومية المتقلبة من كلا الجانبين يمكن أن تعطل أي إنجازات جوهرية.
10- مأزق أكثر خطورة في شبه الجزيرة الكورية
اختبار بيونغ يانغ المستمر لمجموعة كاملة من الصواريخ الباليستية (86 اختباراً في عام 2022)؛ صواريخ كروز، صواريخ تكتيكية ذات قدرة نووية ومتحركة ومتوسطة المدى، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات هي جزء من أجندة كوريا الشمالية لإنشاء ترسانة من الضربة الثانية قابلة للنجاة، وتوفير مزيد من الخيارات للإكراه والهجوم المحتمل.
وتجري الاستعدادات لإجراء تجربة نووية سابعة منذ أشهر، كما حذرت حكومتا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. قد يفسر التفاهم المحتمل حول المساعدة لضبط النفس بين بيونغ يانغ وبكين سبب عدم حدوث مثل هذا الاختبار.
ومع ذلك، إذا حدث اختبار سابع واستخدمت بكين حق النقض ضد عقوبات مجلس الأمن الدولي التي تهدف إلى معاقبة كوريا الشمالية، فمن المحتمل أن يتعمق الخلاف في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.
المصدر: الشرق الأوسط
اضف تعليق