تشير التقديرات تشير إلى أنه بحلول عام 2025 ، سيعاني ثلثا سكان العالم من ندرة المياه، إذ تعد أزمة المياه العالمية واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا التي يواجهها العالم اليوم، مع زيادة تواتر وشدة حالات الجفاف الناتجة من تغير المناخ. الأمر الذي أدّى إلى زيادة الضغوط على إمدادات المياه، ممّا أضعف قدرة المجتمعات والنظم البيئية على الوصول إلى موارد المياه الكافية.
تحذير أممي
حذّرت الأمم المتّحدة في تقرير منذ فترة وجيزة، من أنّ الاستهلاك المفرط للمياه والتغيّر المناخي جعلا "نقص المياه مستوطناً" في جميع أنحاء العالم، ممّا أدّى إلى "خطر وشيك" بحدوث أزمة عالمية. وبحسب التقرير فإنّ استخدام المياه زاد حول العالم بنسبة تناهز 1% سنوياً على مدار السنوات الأربعين الماضية. ولمواجهة هذا العطش، يلجأ البشر إلى المياه الجوفية ولا يتوانون عن استخراج المياه بكميات مفرطة في بعض الأحيان: ما بين 100 و 200 كيلومتر مكعب من احتياطيات المياه الجوفية تنضب كل عام.
هذا ولفت التقرير إلى أنّ حوالي 10% من سكّان العالم يعيشون في دول تعاني من مستوى إجهاد مائي (العلاقة بين استخدام المياه وتوافرها) عالٍ أو حرج، ممّا يحدّ "بشكل كبير" من توافر المياه لتلبية احتياجات الناس.
وبحسب التقرير فإنّه من المتوقع أن يرتفع عدد سكّان المناطق الحضرية المعرّضين لخطر نقص المياه من 933 مليون نسمة في عام 2016 إلى ما بين 1.7 و 2.4 مليار نسمة في عام 2050.
الحلول
لمعالجة هذه المشكلة، كشف الخبير البيئي البروفيسور ضومط كامل أنه يجب الاستثمار في حلول مستدامة مثل أنظمة إدارة المياه الأكثر حكمة، والبنية التحتية المطوّرة لتخزين وتوزيع المياه، الابتكارات التكنولوجية لتزويد المجتمعات بإمكانية الوصول إلى المياه النظيفة. فهذه الجهود ضرورية ليس فقط لحماية البيئة، ولكن أيضًا لضمان وصول الجميع، بغض النظر عن الموقع أو الظروف، إلى مصادر مياه آمنة ومستدامة.
وشدد على عمل الحكومات والمواطنين معًا للاستثمار في تقنيات المياه المبتكرة، وتحسين أنظمة إدارة المياه، وحماية النظم البيئية المائية. ولفت إلى ضرورة العمل على خفض الأنبعاثات الكربونية، ومعالجة تأثيرات التغيرات المناخية، من خلال تعزيز الاستثمار في التكنولوجيا المستدامة، والاستدامة البيئية والتنموية، وتشجيع التعاون الدولي، والابتكار في مجال الطاقة المتجددة، والتخفيف من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
للشرق الأوسط حصته من العطش
يواجه العراق حالياً أسوأ موجة جفاف في العصر الحديث، تقوّض الإنتاجية الزراعية وتهدد الدخل والأمن الغذائي للسكان. فتغير المناخ يشكّل تهديداً خطراً لحقوق الإنسان الأساسية والنمو المستدام والسلام والاستقرار في العراق.
إنّ تغير المناخ سيؤدي إلى تفاقم مشكلة شح وتراجع جودة مياه نهري دجلة والفرات اللذين ينتجان أكثر من 90 في المائة من المياه السطحية للعراق.
وتشير التقديرات إلى أن زيادة درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة وانخفاض هطل الأمطار بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2050 سيؤديان إلى انخفاض بنسبة 20 في المائة في المياه العذبة المتوافرة، وبالتالي انخفاض بنسبة 25 في المائة في كمية المياه التي تستخدم لقطاع الزراعة الذي يستهلك حوالى 80 في المائة من مياه العراق.
بدورها، تعاني سوريا من أزمة الجفاف، فبحسب ما أكده تقرير لمركز الإمارات للسياسات، إن أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في تكرار حالات الجفاف في شمال شرق سوريا يتمثل في عمليات الاستخراج الجائر للمياه الجوفية، ما أدى إلى تراجع حاد في مستويات المياه الجوفية. وتسبب هذا بدوره بجعل الأراضي قاحلة وأقل قدرة على استدامة النشاطات الزراعية.
ونتيجة لذلك وجد الكثير من المزارعين أنفسهم مضطرين الى التخلي عن أراضيهم والهجرة إلى المناطق الحضرية بحثاً عن مصادر دخل.
وأيضاً، تعاني تونس من أخطر أزمة مائية في تاريخها على الإطلاق. ويمكن ملاحظة ذلك عبر تدني معدل استهلاك الفرد الى أقل من 400 متر مكعب سنويا وهو قرابة نصف المعدل الاعتيادي عالميا، حيث تحدد منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة معدل استهلاك الفرد لضمان العيش الكريم والاحتياجات الحياتية ما بين 700 و900 متر مكعب سنويا. ومشكلة تونس في إدارة مواردها المائية تبدو معقدة وذات أسباب بعيدة تعود إلى عقود. حيث يؤكد الخبراء أن هذه الازمة ليست بالأمر المستجد ولكنها آثارها باتت مضاعفة بسبب آثار الاحتباس الحراري.
اضف تعليق