واجهت أوكرانيا خلال العقد الماضي، وخاصة في العامين ونصف الماضيين، تحديات هائلة في كفاحها من أجل الاستقلال، متجسدة في مقاومتها لروسيا، هذه التجارب صقلت هوية وطنية جماعية وأكدت على الحقائق القاسية للسيادة في العالم الحديث، كما أن لهذه الدروس عواقب كبيرة على أوكرانيا والمجتمع الدولي، وفقًا لما كتبته إلينا دافليكانوفا، الباحثة في مركز تحليل السياسات الأوروبية.

في مقالها المنشور على موقع صحيفة "ذا موسكو تايمز" الروسية المستقلة، قالت دافليكانوفا إن النضال الأوكراني يكشف عن أن الاستقلال ليس مضمونًا حتى في القرن الحادي والعشرين، وأن النظام الدولي الذي يعتمد على حماية الحدود الوطنية يظل عرضة لطموحات الدول الإمبريالية، ورغم وجود مؤسسات دولية مصممة لإدارة الصراعات سلمياً، أثبتت هذه الأنظمة عدم كفايتها أمام قوى مثل روسيا.

وأضافت الباحثة أن التجربة الأوكرانية تُظهِر مدى الصعوبة في بناء الدعم الدولي، حيث يكون هذا الدعم بطيئاً ومكلفاً، حتى في الحالات التي يكون فيها المعتدي واضح الخطأ، كما أن انقسامات الحلفاء الغربيين تكشف هشاشة الوحدة الدولية، مما يزيد من تعقيد المعركة الأوكرانية من أجل الحفاظ على سيادتها.

مخاطر السلمية والتبعية الاقتصادية

أحد الدروس المهمة التي استخلصتها أوكرانيا هو أن التعامل السلمي مع المعتدين قد يكون خطيراً، وقد أظهرت التجربة أن إهمال الدفاع الوطني لصالح الرفاهية الاجتماعية قد يعرض أمن الأمة للخطر. كما فضحت الحرب الافتراض بأن الروابط الاقتصادية يمكن أن تمنع الصراعات، حيث أظهرت روسيا استعدادها للتضحية بالمكاسب الاقتصادية في سبيل تحقيق أهدافها الجيوسياسية.

من أبرز الدروس المستفادة هو قوة الروح الوطنية الأوكرانية التي أثبتت أنها تتجاوز التوقعات التقليدية للقوة الوطنية، وعزز الصراع الحالي من هوية أوكرانيا الوطنية المستقلة عن روسيا، وأدى إلى توحيد الأوكرانيين ضد عدو مشترك رغم الروابط التاريخية والعائلية بين البلدين.

وأشارت دافليكانوفا إلى مرونة المجتمع المدني في أوكرانيا، الذي لا يقتصر دوره على الدفاع في ساحة المعركة، بل يمتد إلى قيادة التغيير المجتمعي وحماية الديمقراطية، وترتيب أوكرانيا في مؤشر العطاء العالمي لعام 2023 يعكس روح التضامن والتعاون التي ظهرت بوضوح خلال هذا الصراع.

تصحيح المفاهيم الغربية

واجه الأوكرانيون تحدياً كبيراً في تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الغرب حول روسيا، التفسيرات الخاطئة للسياسات الروسية تعرقل فهماً صحيحاً للصراع، مما يجعل من الضروري مواجهة هذه الأساطير لتأمين الدعم المطلوب.

رحلة أوكرانيا في العقد الأخير، وخاصة في ظل الصراع الحالي، قدمت دروساً قيّمة حول هشاشة الاستقلال وأهمية الدفاع الوطني، وتجسد هذه التجربة قوة الروح الوطنية الأوكرانية وقدرتها على الصمود، مما يبعث الأمل للدول الأخرى ويؤكد على ضرورة الكفاح المستمر من أجل الحفاظ على السيادة في عالم معقد وعدائي.


المصدر: 24 - أ ف ب

م.ال

اضف تعليق