في خطوة مفاجئة هزت الأوساط السياسية الأميركية، أعلن ديك تشيني، نائب الرئيس السابق في عهد جورج دبليو بوش، دعمه العلني للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في انتخابات الرئاسة المقبلة، متخلياً عن دعمه للجمهوريين لأول مرة في تاريخه.
ويُعتبر هذا التحوّل خرقًا نادرًا للتقاليد السياسية، خاصة وأن تشيني، البالغ من العمر 83 عامًا، كان صديقًا للجمهوريين لعقود، بما في ذلك دعمه لدونالد ترمب خلال ترشحه في عام 2016.
الأسباب وراء التحول
تشيني برّر موقفه بالقول إن ترمب هو "أكبر تهديد للجمهورية الأميركية في تاريخها الممتد على مدى 248 عامًا"، مشيرًا إلى دوره في أحداث اقتحام الكابيتول في يناير 2021 ومحاولاته للبقاء في السلطة باستخدام العنف والكذب.
وشدّد تشيني على أن عدم الثقة بترمب لإدارة البلاد مرة أخرى كان دافعًا رئيسيًا له لاتخاذ هذا القرار الجريء.
ترمب بدوره، ردّ بانتقاد لاذع على منصة "تروث سوشيال"، ووصف تشيني بأنه "ملك الحروب التي لا تنتهي"، متهماً إياه بالتسبب في إهدار الأرواح والأموال في حروب لا جدوى منها، بينما وصف نفسه بـ"رئيس السلام" الذي سيوقف الحروب العالمية المقبلة.
تشيني وعائلته في مواجهة ترمب
لا يُعد موقف ديك تشيني معزولًا، فابنته ليز تشيني، عضوة مجلس النواب السابقة، كانت في طليعة الجمهوريين الذين صوّتوا لعزل ترمب بعد أحداث الكابيتول.
وكانت هذه المواجهة القاسية بين عائلة تشيني وترمب بداية شرخ عميق في أوساط الحزب الجمهوري، حيث تتصدر ليز جهودًا لمحاربة تأثير "حركة ماغا" التي يرعاها ترمب.
تحالف غير متوقع مع الديمقراطيين
قرار تشيني دعم هاريس لم يكن مجرد تصويت احتجاجي على ترمب، بل يعكس تحالفًا غير معلن بين الجمهوريين التقليديين والديمقراطيين التقدميين.
تشيني الأب والابنة يرون أن الحزب الجمهوري تحت قيادة ترمب تحول إلى ما يشبه "عبادة الشخصية" الفاشية، وأنه حان الوقت لاستعادة الحزب أو التوجه نحو دعم الديمقراطيين كخطوة تكتيكية لإقصاء ترمب.
التأثير المحتمل على الانتخابات
بينما أثار هذا القرار صدمة بين الجمهوريين، إلا أن تأثيره في الانتخابات قد لا يكون كبيرًا. تشير استطلاعات الرأي إلى أن ترمب ما زال يحظى بدعم أغلبية قاعدة الحزب الجمهوري، إذ حصل على 94% من أصوات الجمهوريين في انتخابات 2020. ومع ذلك، فإن دعم شخصية بحجم ديك تشيني لكامالا هاريس قد يفتح الباب أمام جمهور جمهوري متحفظ لدعم المرشحة الديمقراطية.
وتشير هذه التحركات إلى أن المعركة على مستقبل الحزب الجمهوري لم تعد فقط معركة أيديولوجية، بل أيضًا معركة على هوية الحزب نفسه، مما يجعل الانتخابات المقبلة لحظة حاسمة ليس فقط لأميركا، بل أيضًا لمستقبل الحزب الجمهوري.
المصدر : وكالات
م.ال
اضف تعليق