تشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية تصعيدًا جديدًا بعد تصريحات وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، الذي دعا إلى إلغاء اتفاقية 2013 الخاصة بإعفاء النخب الجزائرية من تأشيرة الدخول إلى فرنسا، معتبرًا أن الجزائر تسعى إلى "إذلال فرنسا".

اتفاقية 2013: تعاون أم أزمة؟

وتم توقيع الاتفاقية خلال زيارة الوزير الأول الفرنسي الأسبق، جون مارك أيرولت، إلى الجزائر عام 2013، بمناسبة انعقاد الاجتماع الأول للجنة الحكومية المشتركة بين البلدين.

وتتيح الاتفاقية لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية أو الخاصة من البلدين دخول أراضي الطرف الآخر دون تأشيرة لإقامة قصيرة لا تتجاوز 90 يومًا خلال فترة 180 يومًا.

ورغم أن الاتفاقية تضمنت شروطًا واضحة لإنهائها، مثل إشعار مسبق مدته 90 يومًا، فإن التلويح بإلغائها من قبل الجانب الفرنسي يُنظر إليه كتصعيد سياسي جديد يعكس التوترات المتزايدة بين البلدين.

أبعاد الأزمة السياسية

واعتبر الإعلامي الجزائري، محمد إيوانوغان، أن هذه التهديدات مجرد ورقة ضغط سياسي، مشيرًا إلى أن فرنسا لن تنفذ تهديداتها، لأنها تدرك أن النخب الجزائرية التي يشملها الإعفاء تمثل شخصيات بارزة في الدولة.

من جانبه، يرى خبير القانون الدستوري، موسى بودهان، أن هذه التصريحات تعكس رغبة فرنسية في التنصل من التزاماتها الدولية، مشيرًا إلى أن التلويح بإلغاء الاتفاقيات يضر بمصداقية التعاون بين البلدين ويهدد الثقة المتبادلة التي تعاني أصلًا من الهشاشة.

خلفية تاريخية ومصالح متشابكة

الجزائر وفرنسا تجمعهما علاقات تاريخية معقدة، أبرزها اتفاقية الهجرة لعام 1968، التي تمنح الجزائريين تسهيلات استثنائية في العمل والإقامة بفرنسا.

ووفق أستاذ العلوم السياسية محمد هدير، فإن التصعيد الفرنسي يُظهر محاولة لاستعادة نفوذ اقتصادي تراجع بشكل كبير مع توسع العلاقات الجزائرية مع دول أخرى.

وأشار هدير إلى أن، الاتفاقيات المشتركة بين الجزائر ودول أخرى في مجال إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من التأشيرة تُعد جزءًا من الأعراف الدبلوماسية وليست امتيازًا استثنائيًا قدمته فرنسا.

الخطوة التالية

التصريحات المتبادلة بين الطرفين تعكس توترًا متصاعدًا قد يفتح الباب لمزيد من المراجعات في الاتفاقيات الثنائية.

ورغم محاولات التهدئة، يظل مستقبل التعاون بين البلدين مرهونًا بمدى قدرة الطرفين على تجاوز هذه الأزمة بروح بنّاءة، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.

وكالات

م.ال

اضف تعليق