عقد مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث في كربلاء المقدسة، حلقته النقاشية في ملتقى النبأ الأسبوعي وتداول ورقة بحثية تحت عنوان (السلطوية والديمقراطية.. العراق انموذجا)، شارك في الملتقى عدد من الكتاب والباحثين ذوي التوجهات المختلفة.
وذكر مدير المركز حيدر الجراح في الورقة التي اعدها وقدمها، ان "السلطوية والديمقراطية ليسا مصطلحين متضادين في الأساس، فمن الممكن أن تمتلك الأنظمة الديمقراطية بعض العناصر السلطوية. تتميز الديمقراطية اللاليبرالية (أو الديمقراطية الإجرائية) عن الديمقراطية الليبرالية في أن الديمقراطية اللاليبرالية تفتقر إلى بعض الصفات مثل سيادة القانون، وحماية الأقليات، واستقلال القضاء".
وأضاف "الديمقراطية ليست مجرد صناديق اقتراع، فإن السلطوية كذلك ليست مجرد غياب هذه الصناديق، بل هي معادلة أوسع بها ما هو إجرائي، وما هو عملياتي، وما هو مؤسسي، وما هو قيمي وثقافي وهكذا".
وأشار الجراح الى أن "الحديث عن السلطوية أيضا يتطلب بعض المصارحة عن تجاوزها لأطر السلطة وعن كونها مكونا رئيسيا في الثقافة السياسية للمعارضين يمينا ويسارا، أي إن الحديث عن تفكيك السلطوية هو في الواقع حديث عن القوى السياسية التي يفترض أن تقود عملية التحول الديمقراطي، هو حديث عن الشعبوية، عن الفردية، عن الأبوية، عن الشللية، عن المزاجية، عن العاطفية، عن قصر النظر، عن البحث عن المكاسب السريعة، عن معاداة الحداثة السياسية".
وتابع "الحديث عن السلطوية كذلك هو ليس فقط حديثا عن الدولة، لكنه أيضا حديث عن المجتمع، شبكة علاقاته، مؤسساته، ثقافته تجاه السلطة، دور مؤسسات التعليم فيه، دور المؤسسات الدينية فيه، هو حديث عن القبلية المجتمعية والسياسية، حديث عن الفقر والجهل، عن تلك الهوة الرهيبة بين السياسات الكبرى (الدستور والانتخابات والحقوق والحريات)، والسياسات الصغرى (لقمة العيش، المياه النظيفة، الرعاية الصحية، الصرف الصحي...الخ)".
من جانبه قال الكاتب الشيخ مرتضى معاش: ان السلطوية لا تأتي من الفراغ بل هي تأتي من خلال تمكين الانسان لها وصناعة نظام سيء وبيئة سيئة لوجود الاستبداد، مثال على ذلك "الإقطاع" وهو نوع من التمكين البشري، اليوم يكثر الحديث عن الاقطاع المعلوماتي مثل فيسبوك.. من أعطى هذه المواقع والمؤسسات شرعية السلطوية سوى الناس أنفسهم؟ كذلك الاقطاع القديم من اعطاهم هذه السلطوية هم الفلاحين وهكذا..
وأضاف "السبب الرئيسي لذلك أن الناس بطبيعتهم يخافون المجهول، والحرية المنفصلة عن السلطوية هي نوع من المسؤولية الصعبة على الانسان لا يتحملها أي شخص".
وتابع "الديمقراطية في ابعادها المختلفة وخصوصا الديمقراطية الغربية والديمقراطية الليبرالية، فيها جانب خفي وغير واضح من السلطوية بشكل أسوأ من المتعارف عليه في الأنظمة الاستبدادية الواضحة المباشرة، الأنظمة الشمولية الاستبدادية وهي اعلى مراحل الديكتاتورية، تقوم بمسخ هوية الانسان ومسخ شخصيته وحذف انسانيته وتحديد نمط حياته وكيف يعيش وفق ما يوفر لها الاستمرار بالحكم والسيطرة، كذلك في الأنظمة الليبرالية وفي وجهها الحقيقي، تقوم بتفكيك الجماعات وتفكيك الهويات الفرعية وتمارس عملية من الإلغاء المجتمعي والالغاء الأسري تحت عنوان حماية الفردية والحرية الشخصية مما يؤدي الى تفكيك كل الجماعات والأديان والقيم بحيث يكون عالم لا قيم فيه وبذلك يكون التشابه والتطابق كبير جداً بين الليبرالية مع النظام الشمولي".
وأكمل قائلا "في العراق، لا زلنا نعيش مرحلة انتقالية من الدولة الشمولية السلطوية الى الدولة الديمقراطية، وهذا انتقال طويل الأمد يحتاج للكثير من التحولات حتى يحقق النجاح وقد يواجه الصعوبات والمطبات وربما لا ينجح ويعود مرة أخرى نحو النظام السلطوي الاستبدادي".
وأوضح "النظام الاستبدادي يوفر نسبة من الأمن الوهمي والدولة المستقرة، وهذا النموذج يجد اتباعا ومريدين كثر وحنين الى النظام الاستبدادي بينما العقل والمنطق والتجارب تقول ان جميع هذه الأنظمة كانت نتائجها كارثية على جميع المستويات وهذا خطر على المجتمع العراقي لذلك من اللازم توفر أدوات حقيقية للتحول نحو الديمقراطية مثل الأحزاب الحقيقية وليست الوهمية والانتخابات الصحيحة التي تشمل جميع المستويات سواء برلمان ومجالس محلية وهذه عملية تراكمية تطورية".
من جهته قالالدكتور اسعد كاظم شبيب: ان "هناك متغيرات جديدة طرأت مع انتخابات تشرين عام 2021، حيث ان القوى الفائزة على مستوى افرازات احتجاجات تشرين والتغيير الثاني تمثل بصعود كبير لقوى جديدة كتشعبات احتجاجات تشرين من تجمعات، وقوى، ومستقلين، حيث ستبدو هذه القوى متغير جديد في المعادلة العراقية في معطياتها الحاكمة والمعارضة، واذا ما اتجهت للمعارضة الحقيقية الدستورية فهذا يعني اول مرة تشكل معارضة داخل مجلس النواب في العراق بعد التغيير ولو تمثل معارضة اقلية، وان تطرح برامج وفعاليات واقعية في معالجة الملفات الشائكة مثل ملف الفساد في سلوك المعارضة النيابية اذا ما اتجهت القوى التقليدية الأخرى الى المسارات السابقة في الدخول في توزيع الرئاسات الثلاث والوزرات والدرجات الخاصة".
واضاف "لا يبدو الى الآن أي توجه من قبل القوى التقليدية الخاسرة على الأقل في أي معارضة برلمانية فأنها تضغط الان ليس من اجل المعارضة وانما من اجل تحقيق مكاسب سياسية لتكون مؤثرة لجمهورها في المرحلة الانتخابية تحت تأثير الديمقراطية المسلحة لأنها تخشى من التراجع أكثر في الدورة الانتخابية القادمة وكذلك لتحقق ضمانات سياسية وقضائية في معالجة بعض الملفات الشائكة التي تخص هذه المجموعات والقوى السياسية".
اضف تعليق