أكّد خبراء، أن أحد أهم أسباب التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ترتكز في واقع الأمر على صراع أكبر اقتصادين في العالم للسيطرة على سوق اتصالات الجيل الخامس 5G، تلك التقنية الثورية الجديدة التي تعتبرها الصين العمود الفقري لاستراتيجية صنع في الصين 2025، التي ستحّول بكين إلى قوة تقنية عظمى، فيما تعتبر الولايات المتحدة تلك الاستراتيجية مصدر قلق بالغاً وتهديداً مباشراً لأمنها القومي.
وأبدت بكين استعدادها لخوض حرب تجارية مع أمريكا للحفاظ على برنامجها التقني فيما تتصاعد لائحة الادعاءات الأمريكية ضد هواوي لتشمل سرقة أسرار تجارية وغيرها.
وتشتد في هذه الآونة محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإثارة مخاوف العالم حيال احتمال استخدام الصين شبكاتها من الجيل الخامس كحصان طروادة لاختراق الدول الغربية أمنياً.
ويعمل الصقور الأمريكيون، على فرض حظر على شركات الاتصالات الأمريكية من استخدام أي معدات 5G مصنوعة في الصين، ومنع دخول الشركات التي تقود تطوير تقنيات الجيل الخامس في الصين وهي زي تي إي وهواوي، إلى أسواق عالمية حليفة للولايات المتحدة، فيما يشبّه جو بينج، رئيس مجلس إدارة هواوي أسواق شبكات الجيل الخامس التي اختارت العمل على بناء وتطوير شبكات الجيل الخامس بمنأى عن هواوي بأنها كفريق إن بي إيه يلعب مباراة كرة السلّة من دون مشاركة نجوم اللاعبين المحترفين.
وفيما يستعد مشغلو الاتصالات في الإمارات،، لإطلاق خدمات الجيل الخامس الموجهة للأفراد خلال الأشهر القليلة المقبلة، بالتزامن مع توافر أجهزة الهواتف المتحركة التي تدعم هذا النوع من الخدمات، يؤكّد خبراء أمن إلكتروني لـ البيان الاقتصادي، أن تقنية اتصالات الجيل الخامس ستساهم في زيادة تعقيد قطاع الاتصالات نظراً لأن حجم البيانات التي ستتعامل معها شبكات 5G سيكون أكبر بما يزيد على ألف مرة بالمقارنة مع شبكات اتصالات الجيل الرابع 4G، فيما ستؤذن ببدء حقبة جديدة من المخاطر والتهديدات لأمن البيانات، حيث إن تلك المخاطر ستتمتع بقدرة جديدة على الهبوط عبر الأقمار الصناعية إلى داخل ما يسمى السياج الأمني، وكذلك من الأسفل عبر الاتصالات الأرضية.
وتمّثل تقنية الاتصال بالجيل الخامس 5G أحد أهم بؤر ذلك الصراع بين الصين وأمريكا، حيث من المرتقب أن تكون تلك التقنية بمثابة العمود الفقري للعديد من الصناعات التي أعلنت بكين أنها ستقوم بتطويرها ضمن صنع في الصين 2025 مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، وأتمته الآلات، والروبوتات، ومعدات الفضاء والطيران، والمعدات البحرية والشحن عالي التقنية، ومعدات النقل الحديثة للسكك الحديدية، والسيارات ذاتية القيادة والمعتمدة على الطاقة الجديدة، ومعدات الطاقة، والمعدات الزراعية، وتطوير الأجهزة العسكرية الجديدة، والمستحضرات الدوائية الحديثة والمنتجات الطبية المتقدمة.
حرب تقنية
وشكّل اعتقال منغ وانزو، المديرة المالية لشركة هواوي لتكنولوجيا الاتصالات في كندا بناءً على طلب من السلطات الأمريكية في ديسمبر الماضي بداية لما أسماه الكثير من الخبراء بداية لحرب تقنية وسيبرانية باردة بين الولايات المتحدة والصين عادت رحاها للدوران من جديد بعد فترة قصيرة من انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الذي أشعل الحرب التجارية بين البلدين، والتي يقول الخبراء إنها في واقع الأمر محاولات حثيثة من قبل الولايات المتحدة لمحاولة احتواء التقدم التكنولوجي الصيني والتي عبّرت عنه بكين باستحياء في مبادرة صنع في الصين 2025 التي تهدف إلى تحويل الصين إلى قوة تقنية عظمى تهدد الأمن القومي الأمريكي بحسب وثيقة مسربة من مجلس الأمن القومي الأمريكي.
وفي 28 يناير الماضي، قالت صحيفة وول ستريت جورنال وعدد من وسائل الإعلام الدولية إن السلطات الأمريكية كشفت عن لائحة من الادعاءات ضد شركة هواوي، متهمة إياها بانتهاك العقوبات الأمريكية على إيران، وسرقة أسرار تجارية من شريك تجاري أمريكي، وبذلك تكون الادعاءات قد وضعت الشركة في إطار صورة سلبية تتمثل بانتهاك الشركة المستمر للقوانين الأمريكية والتعاملات التجارية العالمية.
في المقابل، أبدت هواوي خيبة أملها لمعرفتها بلائحة الاتهامات التي وجهت لها من قبل السلطات الأمريكية، سيما وأن هواوي حاولت جاهدة بعد اعتقال المديرة المالية مينغ للحصول على فرصة جدية لمناقشة تحقيقات القطاع الشرقي في نيويورك مع وزارة العدل الأمريكية، ولكن الطلب قوبل بالرفض من دون أي تفسير.
سرقة الأسرار
وتوضح هواوي، أن "الادعاءات المتعلقة باتهامات سرقة الأسرار التجارية في القطاع الشرقي في واشنطن كانت في الأساس موضوع دعوى قضائية تم تسويتها بين الطرفين على أساس أن هيئة محلفين سياتل لم تتوصل لإثبات أي أضرار أو سلوك مؤذ متعمد مرتبط بادعاءات سرقة الأسرار التجارية موضع الدعوى.
وتجدد هواوي نفيها القيام بنفسها أو عبر أي من فروعها أو الشركات التابعة لها بارتكاب أي من انتهاكات القانون الأمريكي الواردة في الاتهامات الموجهة إليها، وأن الشركة لا دراية لها بأي ممارسات غير قانونية قامت بها المديرة المالية مينغ، وتعتقد أن محاكم الولايات المتحدة الأمريكية ستتوصل للنتيجة ذاتها.
وحول أسباب اعتقال مينغ وانزو، المديرة المالية بشركة هواوي، قال تشارلز يانغ رئيس هواوي في منطقة الشرق الأوسط، في تصريح، إنه "لا يمكنه التعليق بالكثير من التفاصيل نظراً للإجراءات القانونية التي تخضع لها القضية حالياً، ولكنه أشار إلى أن هذه الواقعة لم تؤثر على عمليات الشركة، كما أنها لم تؤثر على خطط سفر المسؤولين التنفيذيين. وما زالت هواويتثق بقوة في نظام الامتثال التجاري المُطبَّق لديها منذ عام 2007، كما أن لدى الشركة ثقة في عدالة النظم القضائية واستقلاليتها في كل من كندا والولايات المتحدة.
السجل الأمني
وحول الادعاءات التي وجهت إلى شركة هواوي في الآونة الأخيرة بخصوص أمن المعلومات، قال تشارلز يانغ، إنه "من الأفضل ترك الحقائق تتحدث عن نفسها بعيداً عن مجرد الاعتماد على الشكوك والشبهات والتخمينات".
أكد، أن "السجل الأمني للشركة نظيف، وأنه لم يحدث في تاريخ الشركة أي جرائم جدية خطيرة تتعلق بالأمن السيبراني على مدى 30 عاماً".
وأضاف، ان "الأمن السيبراني وخصوصية المستخدم يأتيان في مقدمة أولويات الشركة، وتندرج تحتهما جميع الاعتبارات الأخرى. وقد أنشأنا مراكز لتقييم أداء الأمن السيبراني لأعمال الشركة على الشبكات وغيرها في أماكن جديدة كالولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة وكندا وألمانيا بغرض تحديد المخاوف ومواجهتها والحد منها بصورة مباشرة".
وكانت هواوي قد خضعت لأدق التقييمات والفحوصات من قبل الجهات التنظيمية والعملاء من خلال جهات مستقلة تشرف على مراكز التقييم. نحن نتفهم المخاوف المشروعة التي تقدم بها بعض العملاء أو تلك التي قد تراود بعض أصحاب المصلحة رغم غياب أي دليل يثبت أن معدات هواوي تمثل خطراً أمنياً فعلياً.
الإفصاح الإجباري
وفيما يتعلق بالمخاوف التي تتردد كثيراً بشأن القانون الصيني الذي قد يضع مسألة الأمن السيبراني في دائرة الشك، أوضحت وزارة الخارجية الصينية رسمياً عدم وجود أي قانون يلزم الشركات بتركيب أبواب خلفية إجبارية للإفصاح عن المعلومات.
وذكر تشارلز يانغ، أنه "مع ذلك ما زالت هواوي تتفهم المخاوف المتعلقة بهذا الأمر، وتعبر عن طواعيتها بذلك من خلال صراحتها وشفافيتها واستقلالها واستعدادها للحوار المفتوح والبناء في أي وقت، ومن الممكن لأي جهة تقديم أي إثبات أو دليل إلى مُشغلي شبكات الاتصالات، حتى وإن لم يكن معروفاً لشركة هواوي أو للجمهور.
وأضاف، انه "سنواصل زيادة استثمارنا في المجال الأمني والتقنيات المتعلقة بالأمن، وقد قررنا في اجتماع مجلس الإدارة الأخير تنفيذ برنامج تحول على مستوى الشركة لتحسين قدرات هندسة البرمجيات لدينا.
وخصصت الشركة ميزانية افتتاحية لهذا الغرض بقيمة 2 مليار دولار مبدئياً على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، تهدف لإجراء تحسينات شاملة في قدرات هندسة البرمجيات بالشركة لتصبح منتجاتنا مهيأة بصورة أفضل لتلبية المتطلبات العالمية في المستقبل، بما يتناسب مع آراء ومتطلبات وطموحات مختلف شرائح عملاء الشركة».
قال تشارلز يانغ، أن "شركة «هواوي» وقّعت 25 عقداً تجارياً لتحتل بذلك المركز الأول بين جميع مزودي تقنية المعلومات والاتصالات، حيث إن الشركة شحنت بالفعل أكثر من 10 آلاف محطة رئيسية لشبكات الجيل الخامس إلى الأسواق في أنحاء العالم".
وذكر يانغ، أن "منتجات وحلول هواوي الابتكارية المتطورة قد لاقت رواج رواد مشغلي الاتصالات والعديد من الحكومات في العالم، وأن معظم عملاء الشبكات تقريباً أعربوا عن رغبتهم في استخدام شبكات هواوي التي يعتبرونها حالياً رائدة السوق في تقديم أفضل المعدات والحلول، واعداً بأنها ستظل كذلك على مدى الأشهر الإثني عشر أو الثمانية عشر المقبلة على الأقل، حيث إن الشركة جادة بإجراء ترقيات مهمة لشبكات الجيل الخامس للتحول بها لسرعات ومرونة أكبر وتكلفة أقل.
وأوضح يانغ، أن "بعض المخاوف الأمنية المتعلقة بتقنية الجيل الخامس هي مخاوف مشروعة تماماً، إلا أنه يمكن التعامل معها من خلال توضيحها والوقوف على متطلباتها بحوار مفتوح وبناء، والحد منها من خلال التعاون الوثيق والمفتوح مع مشغلي الشبكات والحكومات حول العالم، بحيث يتم التعامل مع كل السيناريوهات والتغلب على كل العقبات بحسب طبيعة متطلبات وقوانين وسياسات وتنظيمات الأسواق المحلية".
حظر غير مبرّر
ويرى بعض المحللين، بأن "حظر هواوي غير مبرّر وسيخلق فراغاً لا يمكن سدّه في أوقات حرجة، وقد يؤثر بشكل خطير على نشر شبكات الجيل الخامس على مستوى العالم".
إذ أن هواوي فعلياً الشركة الوحيدة التي أخيراً على لسان نائب رئيس مجلس إدارتها كين هو أخيرا
وقال، إنها نجحت بكسب ثقة عملائها في أنحاء العالم ووقعت 25 عقداً تجارياً لتصبح بذلك الأولى عالمياً بين مزودي معدات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات".
وفيما يشتد صراع الهيمنة على سوق الجيل الخامس بين العملاقين الاقتصاديين، الذي من المتوقع أن يبلغ حجمه أكثر من 250 مليار دولار عالمياً بحلول عام 2025، يتبادر إلى الأذهان كذلك تساؤلات حول مدى أمن بيانات المستهلك العادي في حال استخدامه لهذه التقنية التي ستطرق أبوابنا في الشهور القليلة المقبلة.
بخصوص الأمن السيبراني، يؤكّد كين هو، رئيس مجلس الإدارة بالتناوب في هواوي، أن "أمن الشبكات والخصوصية يأتيان في مقدمة أولويات الشركة ولا يعلو عليهما أي شيء آخر. وأجاب بوضوح على سؤال يتعلق بإنشاء مراكز لتقييم الأمن السيبراني في أماكن كالولايات المتحدة وأستراليا".
وأشارإلى، أن "الشركة أنشأت مراكز مماثلة في المملكة المتحدة وكندا وألمانيا بغرض تحديد المخاوف ومواجهتها والتخفيف من وطأتها بصورة مباشرة."
وكانت هواوي قد خضعت لأدق التقييمات والفحوصات من قِبل السلطات التنظيمية والعملاء، كما أعربت عن تفهمها للمخاوف المشروعة التي قد تراود بعض أصحاب المصالح، رغم غياب أي دليل يثبت أن معدات هواوي تمثل خطراً أمنياً.
وأكد، أن "السجل الأمني للشركة نظيف حتى اليوم ولم تشوبه شائبة، منوهاً إلى عدم حدوث أي جرائم جدية تتعلق بالأمن السيبراني منذ 30 عاماً". انتهى/ ف
اضف تعليق