للمرة الثانية في غضون ثلاثة شهور، افتتح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين، نفقاً يمتد من حي مدينة داود بالقدس، وحتى حائط البراق بمحاذاة المسجد الأقصى؛ غير أن الافتتاح هذه المرة كان برفقة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي عدّه حدثاً تاريخياً مميزاً.
وفي موقع النفق، الذي يُطلق عليه الاسم التوراتي هشيلواح، تطرق نتنياهو إلى الهجوم الذي شنته إسرائيل بالدوحة الأسبوع الماضي، لمحاولة اغتيال قادة حركة حماس في العاصمة القطرية.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية عبَّرت عن استيائها من الهجوم، وعدّته مضراً بمصالح إسرائيل والولايات المتحدة، أكد روبيو أن هذه العملية - رغم سوئها - لا تمس بمكانة إسرائيل في الولايات المتحدة، ولا تؤثر سلباً على علاقاتهما.
وقال نتنياهو إنه ليس نادماً على قصف الدوحة، ولا على محاولة استهداف قادة حركة «حماس»، بل ولا يعدّها عملية فاشلة، «لأن قادة الإرهاب باتوا يعرفون اليوم أنهم يستطيعون أن يهربوا، لكن ليس أن يختبئوا. فأيدينا ستطولهم أينما كانوا».
العلاقات الراسخة
وقالت صحيفة يسرائيل هيوم اليمينية التي تُعدّ شبه ناطقة بلسان نتنياهو، يوم الاثنين، إن مجرد إصرار روبيو على تنفيذ الزيارة في الوقت المحدد سلفاً، هو رسالة قاسية إلى العرب تُبين أن العلاقات الأميركية - الإسرائيلية راسخة.
وأضافت: كان من الصعب أن نتخيل زيارة كهذه لوزير الخارجية السابق، أنتوني بلينكن، من عهد الإدارة السابقة. كل زيارة لسلف روبيو إلى إسرائيل تسببت في توتر الأعصاب بالقدس. الابتسامات كانت دوماً أمام الكاميرات، لكن كانت تُطرح قوائم من المطالب لم تنسجم بالضرورة مع المصلحة الإسرائيلية في الحرب بغزة.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه بات من الواضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يريد أن يؤكد وأمام الجميع ما تعني له إسرائيل، وأن يُبقى الدعم الأميركي لإسرائيل وقتما تحتاجه.
ويؤكد الإسرائيليون أن ذروة زيارة روبيو تكمن في تلك المشاركة غير التقليدية في الاحتفال بافتتاح نفق «هشيلواح» بمدينة داود في القدس. وثمة من يقول إن الزيارة السياسية كلها واللقاءات مع رئيس الوزراء والوزراء، حيكت حول هذا الهدف.
وسبق أن افتتح نتنياهو هذا النفق في الثاني من يونيو (حزيران) الماضي، بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال القدس. وقال حينها في شريط مصور تحت الأنفاق: «نحن الآن في شارع الصعود بالأقدام بمدينة داود، قصة مدهشة.
وأضاف" القدس كانت دائماً بأعيننا. عدنا وحررنا القدس القديمة والجديدة، وللأبد ستبقى بأيدينا.
ماذا عن النفق؟
قال مركز دراسات التراث الفلسطيني في القدس: هذا هو نفق سلوان الذي يصل بين نبع قرية سلوان المجاورة لمدينة القدس وداخل المدينة. ومنذ اكتشافه في عام 1880، جرى تصنيفه بأنه نقش يهودي قديم يعود للملك حزقيا الذي قيل إنه هو الذي حفر النفق بناء على ما تقوله التوراة.
وتابع المركز: ولكن عند قراءة النقش حرفاً حرفاً وكلمة كلمة، لا نجد أي إشارة إلى الملك اليهودي.
وسرد مركز دراسات التراث الفلسطيني تسلسلاً تاريخياً، قال إنه يدفعه للاعتقاد بأن عملية إنجاز هذا النفق تمت في العصر الحديدي، أي قبل عام 500 قبل الميلاد، لأن الحروف والكتابة تنتمي لتلك الفترة، وليس إلى الحقبة الهلنستية كما يدعي الإسرائيليون.
وقال: النقش يؤكد أن عملية الحفر تمت بأمر وتوجيه من الإله الفرعوني رع، وهذا يشير إلى أن العملية كلها حدثت أثناء الهيمنة المصرية على المدينة، والتي دعيت بناء على هذا النقش باسم (قرت رعو) مدينة الإله رع.
وتابع: النفق كان كنعانياً خاضعاً للسيطرة المصرية، ويندرج ضمن الفضاء الثقافي المصري القديم، شأنه في ذلك شأن جميع مدن كنعان القديمة، من جبيل إلى صور وصيدا. وتسعى إسرائيل لتهويده، علماً بأنه تم اكتشافه بمحض الصدفة، في أثناء صيانة أنابيب الصرف الصحي عند المرحلتين الثالثة والرابعة من طريق الآلام في القدس العتيقة، بالإضافة إلى مقطع منطقة باب المغاربة، ومقاطع أخرى عمل الإسرائيليون على نبشها وتنفيذ الحفريات فيها؛ كمقطع وادي حلوة، لأهداف سياسية بحتة.
المصدر: الشرق الاوسط
س ع
اضف تعليق