يشكّل الاتفاق المائي الأخير بين العراق وتركيا تحولاً نوعياً في إدارة ملف المياه بين البلدين، بعد عقود من الجدل والتوترات التي رافقت تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات وتأثيرها المباشر في الأمنين الغذائي والبيئي للعراق.
وأكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون المياه، طورهان المفتي، أن الاتفاقية تمثل "نقلة نوعية" في إدارة الموارد المائية، لما تتضمنه من ضمانات دولية تضمن استدامة تدفق المياه من تركيا إلى العراق بصورة منتظمة، مشيراً إلى أن توقيعها على مستوى رئيسي البلدين يمنحها ثقلاً قانونياً غير مسبوق والتزاماً طويل الأمد.
وأوضح المفتي في تصريح للصحيفة الرسمية، أن الآلية التنفيذية الموقعة تستند إلى الاتفاق الإطاري الذي جرى توقيعه بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نيسان الماضي، مبيناً أن هذا التطور يجعل الاتفاق أكثر إلزاماً ومتانة من أي تفاهمات سابقة.
وبيّن أن أبرز ما تضمنته الآلية هو ضمان الاستدامة المائية لنهري دجلة والفرات، وهي سابقة في العلاقات المائية بين البلدين.
كما أُدرج ضمن الاتفاق المقترح العراقي السابق بإطلاق نصف مليار متر مكعب من المياه في دجلة ومثلها في الفرات بشكل منتظم.
ودعا المفتي إلى تحديث تقنيات الري والزراعة في العراق لتكامل الجهد الداخلي مع المكاسب التي يحققها الاتفاق، مؤكداً أن مواجهة الشحّ المائي تتطلب إصلاحاً متوازناً في الإدارة والاستهلاك.
من جانبها، رحّبت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية بالاتفاق، وعدّته "خطوة إيجابية واستراتيجية" من شأنها تعزيز التعاون الثنائي وتحقيق الاستدامة في إدارة الموارد المشتركة.
وقالت النائب الأول لرئيس اللجنة، زوزان كوجر، في تصريح خاص، إن الاتفاقية "ذات بعد اقتصادي ومائي يخدم مصلحة البلدين"، مشيرةً إلى أن نهري دجلة والفرات نهران دوليان يخضعان لقواعد القانون الدولي، ما يستدعي احترام مبدأ تقاسم الضرر والمنفعة وحسن الجوار.
وشدّدت كوجر على أهمية إنشاء إدارة مشتركة لملف المياه وتبادل المعلومات والخبرات الفنية لضمان إطلاق الحصة المائية الكافية للعراق، خصوصاً في ظل الأزمة المائية التي تهدد الأمن الغذائي وتفاقم التصحر وملوحة الأنهر.
وأضافت أن الاتفاقيات المقبلة يجب أن تكون شاملة واستراتيجية تضم جميع الدول المتشاطئة، لضمان مواجهة تحديات الجفاف والتغير المناخي، مؤكدة ضرورة تضمين ضمانات قانونية واضحة تلزم دول المنبع بتنفيذ التزاماتها وتحمي الأمنين المائي والاقتصادي للعراق.
م.ال



اضف تعليق