بعد أكثر من ستة قرون من الحكم، انتهى عهد الدولة العثمانية رسمياً بإلغاء السلطنة عام 1922 والخلافة عام 1924، ليتم نفي أكثر من 150 فرداً من الأسرة العثمانية إلى دول عدة، أبرزها فرنسا ولبنان وسوريا والأردن وألمانيا وبريطانيا.
ومع هذا النفي، فقدت السلالة الحاكمة حضورها السياسي والرمزي في المجتمع التركي، وعاش المنفيون ظروفاً متفاوتة بين التأقلم والنجاح في الخارج، وبين صعوبات اقتصادية ومعيشية شديدة، بعضها أدى إلى موت البعض جوعاً.
وكان قرار النفي سريعاً، إذ مُنح أفراد الأسرة جوازات سفر صالحة لمدة عام وألف ليرة تركية فقط، مع عشرة أيام لمغادرة البلاد.
وبالرغم من ذلك، تمكن بعض أفراد الأسرة من إعادة بناء حياتهم عبر التعليم والعمل، فيما شكلت العودة إلى الحياة العامة للنساء تجربة جديدة في الحرية بعد أن كنَّ محصورات داخل القصور العثمانية.
وفي عام 1952، سمح للنساء بالعودة إلى تركيا، فيما مُنح الرجال الإذن نفسه عام 1974، ومع السماح بالعودة، حمل العديد منهم جوازات سفر صادرة عن فرنسا تحمل جنسية "عثمانية"، ما جعلهم عملياً بلا جنسية وطنية محددة، وسافروا بها في بلدان متعددة قبل أن يستقر بعضهم نهائياً في تركيا.
يعيش أحفاد العثمانيين اليوم حياة طبيعية، معظمهم يحملون جنسية مزدوجة، ويواصلون حياتهم اليومية بعيداً عن أي سلطة سياسية أو اجتماعية.
وعند زياراتهم لتركيا، يحرص بعضهم على الحفاظ على مقتنيات الأسرة التاريخية، بينما يبقى حضورهم في الإعلام والفعاليات الثقافية محدوداً.
ويؤكد الباحثون والمؤرخون أن السلالة العثمانية لم يكن لها نظام حكم مكتوب للوراثة، وأن السلطة كانت مرتبطة بالشخصيات الذكور من أبناء السلطان وإخوته، مع ممارسات أحياناً عنيفة مثل قتل الإخوة لضمان العرش، لكن هذه الممارسات توقفت تدريجياً مع تطور أسلوب الوراثة الأمير الأكبر.
ويشير أحفاد الأسرة إلى أن إرثهم التاريخي يظل حاضراً على المستوى العائلي، بينما لا يحملون أي سلطة سياسية.
ويقول بعضهم: "نحن أبناء الجمهورية، مواطنون أتراك، ونكنّ احتراماً كبيراً للمؤسسات والسياسيين في تركيا". ويضيف آخرون أنهم لا يشاركون في السياسة نيابة عن الأسرة العثمانية، معتبرين ذلك أمراً شخصياً يخص كل فرد منهم.
رغم ذلك، يبقى اسم الأسرة العثمانية محل اهتمام إعلامي وجماهيري، حيث يتصدر أحفادها أحياناً عناوين الصحف بسبب المناسبات الاجتماعية أو الزيارات التاريخية، مما يعكس الفضول العام حول حياتهم وإرثهم، بعيداً عن أي تأثير على السياسة أو الحكم.
م.ال



اضف تعليق