يواجه العراق مع نهاية عام 2025 أزمة نزوح داخلي مستمرة، إذ لا يزال أكثر من مليون شخص نازحاً داخلياً يعيشون خارج منازلهم. ويُظهر تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) الصادر في سبتمبر 2025 أن نحو 102–104 آلاف نازح يقيمون في 20 مخيماً رسمياً داخل إقليم كردستان، بينما يعيش معظمهم في مدن وأحياء حضرية أو تجمعات غير رسمية، ما يزيد من هشاشة أوضاعهم على مستوى الخدمات الأساسية والسكن.
من النزاع إلى المناخ
لطالما كان النزاع، ولا سيما مع تنظيم "داعش"، المحرك الأساسي للنزوح الداخلي. إلا أن تقارير حديثة للمنظمة الدولية للهجرة (IOM) تشير إلى أن الجفاف وتدهور الأراضي الزراعية وندرة المياه باتت تؤدي دوراً متزايداً في دفع العائلات إلى النزوح، خصوصاً في وسط وجنوب العراق. ويقدّر التقرير أن أكثر من 28,701 عائلة نزحت بسبب عوامل بيئية خلال عام 2025، موزعة على 12 محافظة عراقية.
التشتت الجغرافي والمأساة اليومية
تشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن 60٪ من النازحين البيئيين استقروا في المدن، ما يضاعف الضغط على البنية التحتية الحضرية ويزيد من صعوبة وصولهم إلى الخدمات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية والتعليم.
كما يفقد الكثيرون مصادر دخلهم التقليدية، ما يدفعهم للعمل في قطاعات هشة وبأجور منخفضة، وفق تقرير أعده مركز التنمية الدولية (ODI) حول حياة النازحين في الموصل.
السياسات الحكومية والتحديات
أعلنت الحكومة العراقية في عام 2024 عن خطط لإغلاق مخيمات النازحين مع تقديم منح مالية لإعادة الاستيطان.
لكن حتى منتصف 2025، لم يحصل أغلب النازحين على حلول دائمة.
ويحذّر تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من أن التعويضات المالية قصيرة الأجل لا تكفي لإعادة النازحين إلى حياة مستقرة، خصوصاً بالنسبة للمتضررين من تغيّر المناخ.
لماذا تبقى الأزمة مفتوحة؟
أصبح النزوح ذا أسباب مزدوجة: أمنية وبيئية، فيما يتجاوز عدد النازحين المليون، ما يجعل توفير الإسكان والخدمات تحدياً وطنياً. ولا يكفي الحل القائم على إعادة التوطين أو إغلاق المخيمات، بل يتطلب إعادة بناء بيئات معيشية مستدامة ودعم سبل العيش، إلى جانب تخطيط استراتيجي وتعاون بين الحكومة والمنظمات الدولية.
يبقى ملف النزوح الداخلي في العراق أحد أعقد الملفات الإنسانية مع نهاية عام 2025. فهناك أكثر من مليون شخص يعيشون في حالة ترحّل دائم، بينما تضيف تأثيرات المناخ بُعداً جديداً للأزمة. وبدون سياسات شاملة تشمل الحماية، والإسكان، ودعم سبل العيش، والتنمية البيئية، سيظل حل النزوح هشاً وقد يتحول إلى أزمة اجتماعية دائمة.
ع ع



اضف تعليق