كشفت صور حديثة التقطتها الأقمار الصناعية، أمس الجمعة، تطورات جديدة في ملف سد النهضة الإثيوبي، وسط تزايد المخاوف في مصر والسودان من تكرار موجات الفيضانات التي أغرقت مناطق واسعة خلال الأيام الماضية.
وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، في تصريحات اعلامية، إن الصور أظهرت غلق جميع بوابات المفيض في السد، وانخفاض الإيراد اليومي من المياه بنحو 50 مليون متر مكعب، مشيراً إلى، أن المياه التي تصل حالياً من الأمطار – والمقدرة بـ 250 مليون متر مكعب – يُعاد تخزين جزء منها داخل الخزان.
وأوضح شراقي، أن تشغيل التوربينات ما يزال غامضاً في ظل ما وصفه بـ"التخبط في إدارة السد"، مؤكداً أن السودان يدفع ثمناً باهظاً لأخطاء التشغيل. وحذّر من أن استمرار غلق البوابات مع تزايد هطول الأمطار قد يؤدي إلى امتلاء الخزان بشكل كامل مع نهاية الشهر الحالي، ما يثير مخاوف جديدة من حدوث فيضانات أخرى في دولتي المصب.
وأشار الخبير المصري إلى، أن معدلات الأمطار في حوض النيل الأزرق بدأت بالتناقص التدريجي، ومن المتوقع أن تنخفض إلى نحو 150 مليون متر مكعب بنهاية أكتوبر، و50 مليوناً بنهاية نوفمبر المقبل.
من جانبه، أكد وزير الري المصري الأسبق الدكتور محمد نصر علام أن إثيوبيا ترفض حتى الآن توقيع اتفاق قانوني ملزم بشأن آليات ملء وتشغيل السد، بما يحقق مصالحها التنموية دون الإضرار بالأمن المائي لمصر والسودان، موضحاً أن الخطر الأكبر يكمُن في فترات الجفاف عندما تحتفظ أديس أبابا بمخزون مائي كبير لتعظيم إنتاج الكهرباء على حساب تدفق المياه نحو دولتي المصب.
وأضاف علام، أن ما حدث في الأسابيع الماضية من تصريف كميات محدودة من المياه، ثم امتلاء الخزان واستخدام مفيض الطوارئ بشكل استعراضي، ترافق مع هطول أمطار غزيرة على النيل الأزرق، ما اضطر إثيوبيا إلى تصريف نحو 750 مليون متر مكعب يومياً، وهو ما تسبب في فيضانات اجتاحت مناطق واسعة من السودان، وألحقت أضراراً بالأراضي الزراعية.
وأوضح الوزير الأسبق، أن مصر اضطرت إلى فتح مفيض توشكي لتصريف الفائض من المياه الواردة، ما أدى إلى أضرار في بعض الزراعات، فيما تم تصريف كميات محدودة من خلال فتحات السد العالي، ما تسبب في غمر نحو ألف فدان من الأراضي المنخفضة.
وفي السودان، حذّرت وزارة الري والموارد المائية المواطنين القاطنين على ضفاف النيل من ارتفاع منسوب المياه بعد أن بلغت بعض المحطات مستوى الفيضان، داعية إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الأرواح والممتلكات.
كما أعلنت السلطات المصرية حالة الطوارئ في عدد من المحافظات، بعد أن تسببت الفيضانات في غرق قرية دلهمو بمحافظة المنوفية، وتهديد مناطق أخرى في أربع محافظات مختلفة.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار غياب أي اتفاق شامل بين مصر والسودان وإثيوبيا حول قواعد إدارة وتشغيل سد النهضة، ما يعمّق المخاوف من تداعيات بيئية وإنسانية واقتصادية متزايدة في دول حوض النيل.
م.ال
اضف تعليق