أثار قرار الحكومة العراقية القاضي بإلغاء شرط الكفيل في شراء العقارات الممولة حكومياً واستبداله بوثيقة تأمين ضد التعثر، ترحيباً واسعاً بين المختصين في الشأن المالي والمصرفي، الذين اعتبروه خطوة إصلاحية طال انتظارها، لكنها ستواجه اختباراً حقيقياً عند التطبيق، وسط تحديات تتعلق بالبيروقراطية وضعف الثقافة التأمينية لدى المواطنين.

وجاء القرار بتوجيه رسمي من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يقضي باعتماد وثيقة تأمين تصدرها شركات تأمين مجازة من ديوان التأمين العراقي، بديلاً عن الكفالة الشخصية للموظفين الراغبين في الحصول على القروض السكنية، بهدف تسريع الإجراءات وتبسيط معاملات الإقراض وتنشيط قطاعات الإسكان والبناء والتأمين.

وقال عضو الفريق الإعلامي في البنك المركزي العراقي علاء الفهد، في حديث صحفي تابعته وكالة النبأ، إن “القرار يمثل تحولاً مهماً في السياسة المالية، إذ يزيل واحدة من أبرز العقبات التي كانت تواجه المواطنين في الحصول على القروض السكنية، ويمنح المصارف مرونة أكبر في التعامل مع المقترضين وفق آليات حديثة”.

وأضاف الفهد، أن “وثيقة التأمين ستمنح شركات التأمين دوراً محورياً في ضمان القروض من خلال تغطية حالات التعثر أو الوفاة، وهو ما يعزز التعاون بين القطاعين المصرفي والتأميني وينعكس إيجاباً على حركة البناء وتنشيط السوق العقارية”.

وأوضح، أن “التجربة الجديدة ستسهم في تعزيز ثقة المواطنين بالمصارف، شريطة أن تُطبّق بشفافية عالية وتحت إشراف حكومي مباشر لضمان نجاحها”.

ووفقاً للآلية الجديدة، ستتولى شركات التأمين إصدار الوثائق التي تضمن حقوق المصارف في حال تعثر المقترض أو وفاته، مما يعني الاستغناء عن الكفالة الشخصية التي كانت تمثل عائقاً أمام شريحة واسعة من الموظفين، خصوصاً في القروض السكنية طويلة الأمد.

ويرى رجل الأعمال علي عبدالرزاق عبدالغني، أن “التحول من نظام الكفالة إلى التأمين يمثل خطوة إيجابية، لكنه قد يواجه صعوبات في ظل بيئة مالية تفتقر إلى الشفافية الكافية وضعف وعي المواطنين بالمفاهيم التأمينية الحديثة”، مضيفاً أن “نجاح التجربة يتطلب تحديث التشريعات المالية وتمكين شركات التأمين من أداء دورها بكفاءة”.

من جانبه، يؤكد المختص في الشأن المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، أن “القرار تأخر كثيراً، فالكثير من العراقيين واجهوا صعوبة في إيجاد كفلاء حتى في أبسط المعاملات المصرفية”، مشيراً إلى أن “وثيقة التأمين تفتح الباب أمام نظام أكثر عدالة ومرونة في الإقراض”.

ويضيف حنتوش، أن “الخطوة من شأنها تحريك ثلاثة قطاعات رئيسية في آن واحد — المصرفي والتأميني والعقاري — بما يسهم في تنشيط الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة”، لكنه شدد على أن “نجاحها مرهون بقدرة شركات التأمين والمصارف على العمل بتنسيق وثيق، وتبسيط الإجراءات بعيداً عن الروتين والبيروقراطية”.

ويرى مختصون، أن القرار الحكومي يشكل فرصة لإرساء ثقافة مالية جديدة في العراق تقوم على الشفافية والثقة بين المواطن والمؤسسات، لكنه في الوقت نفسه اختبار لقدرة الجهاز الإداري على التحول من الأنماط التقليدية إلى ممارسات مالية أكثر حداثة واستدامة.


م.ال

اضف تعليق