صدر مؤخرا كتاب الأزمات وحلولها من تأليف المرجع الديني الراحل محمد الحسيني الشيرازي، وطباعة مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر في لبنان.
مرّت البشرية في تاريخها بأدوار عصيبة وأزمات عديدة حاولت تذليلها والتغلب عليها، ولكنها لم تفلح بإيجاد الحلول الناجحة والكفيلة بسوقها إلى السعادة الحقيقية بشكل كامل، حتى بزغ نور الإسلام في شبه الجزيرة العربية وإذا به يحمل التعاليم السماوية الإلهية التي إذا التزم بها الناس ستقودهم حتماً إلى طريق الخير والصلاح.
ولكنها شيئاً فشيئاً أخذت تنحرف عن طريق الاسلام فظهرت الازمات تلو الازمات في البلاد الاسلامية على المستوى الفرد والمجتمع، مما سبّب في تراجع المسلمين عن السلَّم الصعودي الذي كانت الأمة تخطو فيه، فأخذ الحكام بالاستبداد ومصادرة الحريات والاستئثار بالأموال والأراضي التي كانت مشاعة بين الناس، وظهرت الأزمات من مثل أزمة السكن والزواج والبطالة وما إلى ذلك.
يقول السيد الشيرازي في مقدمة الكتاب "لم يكن عندنا في العراق قبل الحرب العالمية الثانية لفظة (المشكلة) ولا كلمة (الأزمة)، وذلك لعدم وجود حقيقة لهما حينذاك الا بالمقدار الطبيعي، فكانت الأمور تسري على وفق النظام العادي حيث تبقى شيء من نظام الإسلام في تلك البلاد،وكان الحكام ـ عادة ـ على فطرتهم، ومن الواضح أن الفطرة توحي إلى الصحة في القول والعمل والاعتقاد".
ويستدرك "بعد تمام الحرب العالمية الثانية أغرقت قوانين المستعمرين العراق بجسمانيتها وروحانيتها، فبدأت تطرق أسماعنا هاتان اللفظتان بعد أن تكونت حقيقتهما في تلك البلاد، ثم أخذت تزداد شيئاً فشيئاً حتى وصلت الحالة الراهنة إلى مثل صدام".
ويكمل بالقول "الآن نشاهد لا في العراق فحسب، بل في كثير من بلاد الإسلام: (أزمة السكن) و(أزمة الزواج) و(أزمة البرود الجنسي) و(أزمة التعليم) و(أزمة البطالة) و(أزمة التأخر) و(أزمة الخيانة الزوجية) و(أزمة القروض الدولية) و(أزمة سوء الأخلاق) و(أزمة الأمراض) و(أزمة المرأة) و(أزمة التضخم) و(أزمة الفقر) و(أزمة الاستبداد) إلى غير ذلك من الأزمات".
ويوضح "في الحقيقة إنها ليست أزمات حقيقية،وإنما أخذ الحاكم والشعب بقوانين الغرب والشرق تارة، وبالأهواء والشهوات تارة أخرى، فصارت أزمات وأزمات، فإذا رجع المسلمون إلى الإسلام كله، لرجعوا إلى ما كانوا فيه قبل نصف قرن من الثقة والأمن والرفاه والرخص والصحة وغيرها من مقومات الحياة السعيدة".
ويقول "أما الرجوع الفردي وان نفع في بعض الموارد ـ مثل سهولة الزواج، وسهولة مراسيم الولادة، وهكذا التيسير في أمور المعاش من اللباس والمأكل وما أشبه ذلك ـ إلا أن مثل هذا الأمر:
أولاً: لا يؤثر تأثيراً كاملاً في تلك الجهة.
وثانياً: لا يؤثر في عموم الحياة.
مثلاً من الممكن أن يجعل المهر مهر السنَّة، لكن ليس من الممكن الفرار من قوانين الحكومات الكابتة التي وضعها بعض حكام المسلمين لأجل تحصيل مصالحهم الشخصية ولأجل إظهار سيطرتهم وسيادتهم على المسلمين، وهكذا في سائر الموارد. وهذا الكراس وضع لأجل الإلماع إلى انه كيف نشأت المشاكل والأزمات في البلاد الإسلامية؟وما هي حلولها؟ ".
ويؤكد "إذا تصدت الحكومات والشعوب معاً لحل تلك المشاكل فلا شك أنه يبقى شيء من بعض المشاكل وذلك من جهة النظام العالمي المسيطر الذي لا يرى تغيير موقفه.. ولذلك لا تحل المشكلات كافة، فان النظام العالمي وان كان في بعض جوانبه خير من أنظمة كثير من بلاد الإسلام الموضوعة بسبب بعض الحكام، لكنه يعرقل كثيراً من الأمور.. وبعض الشر أهون من بعض".
ويطرح السيد الشيرازي في صفحات الكتاب الحلول للازمات التي تحيط بالناس.
اضف تعليق