الاجواء البغدادية في رمضان تتميز بنكهتها عن بقية مدن ومحافظات العراق، حيث حركة المتبضعين والسهرات والجلسات تلامس فجرها الذي يختتم مع اعتلاء صوت المؤذن لصلاة الفجر فالحياة فيها ديمومة لا تنقطع رغم الارهاب الذي نزفت منه لسنوات.
الكرادة قلب بغداد النابض وعروسها ذلك الحي التجاري الذي استهدف الارهاب في 2017 ابناءها في ابشع حادثة اجرامي طال اكثر من 300 شخص جلهم من العوائل المتبضعة آنذاك احتفاء بقرب عيد الفطر هي اليوم تمسح غبار الموت عن ثناياها لتعلن الحياة من جديد.
في الكرادة حيث مقهى "بن رضا علوان" القبلة الثقافية للأدباء والكتاب والصحفيين، فالمتجول في ليل الكرادة الرمضاني يشاهد تزين المقهى بكل ما يوحي لقدسية الشهر الفضيل حيث تتطاير في اجواءه رائحة القهوة البغدادية الاصيلة، فبن رضا يحول ليل الكرادة لتجمع ثقافي بأمسيات شعرية، واخرى نقاشية سياسية لكن بنكهة رمضانية.
حامد الحمراني احد رواد بن علوان يقول ان اجواء رمضان في بغداد وتحديدا في الكرادة رسالة واضحة بان بغداد مدينة تأبى ان تموت، ويضيف لي اصدقاء في بلدان مختلفة حول العالم ابعث لهم صور بغداد في رمضان وكل العيون تصبو لليله رمضانية فيها.
إدارة المقهى قررت قبل بداية شهر رمضان تغيير موعد افتتاحه وإغلاقه وقامت بفتحه ظهراً بدلاً من أوقات الصباح المعتادة والاستمرار حتى الفجر لمنح الناس فرصة أكبر بالتواجد في المقهى.
على بعد امتار من مقهى بن رضا علوان يشع بهاء القبة الذهبية لمزار ومقام السيد ادريس حفيد الامام الكاظم علية السلام والذي يعتبر القبلة الدينية لأهالي الكرادة حيث تتجمع النسوة البغداديات وعلى الاغلب من سكنة الكرادة ليكون كعبة الطقوس الرمضانية ومنها مائدة الافطار والاسحار اليومية سيما مع توافد الرحلات للمزار الشريف من مناطق بغداد الاخرى.
ام مصطفى احدى نساء الكرادة اعتادت واسرتها المكونة من كنتان وثلاث احفاد على الافطار في باحة مقام السيد ادريس.
تقول انه منذ طفولتي حتى شيخوختي لازلت احتفظ بطقوس الافطار والصلاة عند مقام السيد ادريس، وهي عادات وتقاليد توارثتها عن اجدادي واورثتها أحفادي اليوم، وتشير الى انها اعتاد كذلك التجوال في شارع الكرادة يوميا للتبضع والترفيه.
ومن اوجه المفارقات ايضا في الكراده المقسمة لجهتين خارج وداخل اذ يفتقر جانبها الخارجي الى اسواق الفواكه والخضر والقصابين والمقاهي الشعبية بينما تكثر الاسواق في الكراده داخل ابتداء من سوق (ارخيته والبوليسخانه).
وبانعطافه عن جانب الكرادة الغربي على نهر دجلة، تجذبك رائحة السمك المكسوف فتعرف ان اقدامك حطت بشارع ابو نؤاس، ذلك الشارع التاريخي الذي يزخر بالحياة وتنتشر فيه العديد من أرقى فنادق بغداد، ويمتاز هذا الشارع بكثرة المقاهي التي يجتمع فيها الكثير من الشعراء المتغنين بهذا الشارع الكبير الذي كان يعتبر من أهم رموز الترف والحياة الرغيدة في بغداد آنذاك.
ومن ينظر الى الكرادة يجدها مدينة لا تنام وهي نموذج للتعايش السلمي والانساني كونها تحتضن اغلب الطوائف العراقية بين السني والشيعي والاكراد والمسيح والعديد من الطوائف التي تمثل اطياف الشعب العراقي. انتهى/خ.
اضف تعليق