كربلاء / عدي الحاج
أثار قانوناً أقرّته الحكومة المحلية في محافظة كربلاء يحمل أسم "قدسية كربلاء" جدلاً واسعاً بين سكان المدينة، لا سيما أنّ القانون خاص بهذه المدينة دون سواها، كونها أكثر المدن العراقية (قدسية) بحسب ما أكده لوكالتنا عضو مجلسها ورئيس اللجنة الإقتصادية، ناصر الخزعلي.
قانون بَنى عليه الصدأ
قال الخزعلي، إنّه "تمّ خلال الإجتماع الدوري للمجلس تفعيل قانون قدسية كربلاء، وتمّ الإشعار بتطبيقه منذ يومه". مشيراً الى أنّ "القانون يتضمّن منع لعب الأقمار والجهر بالأغاني وعدم دخول النساء غير المحجّبات وغيرها". مبيّناً أنّ "القانون شرّع عام 2012 من قبل المجلس، وتمّ تفعيلة في الدورة الحالية، حيث وضعت ملصقات في شوارع المدينة للحد من ظاهرة الإباحة في الشوارع وشرب الخمر والزنا وغيرها وهذا مخالف لقدسية المحافظة".
القدسية وردود الأفعال
يتساءل الكاتب الصحفي، طارق الكناني، عن "هل توجد فقرة في قانون القدسية المزعوم هذا ما يمنع السرقة للمال العام وتحريم التصفية الجسدية والقتل وتجميع النفايات في شوارع المدينة، ألا يوجد في قانون القدسية الأعور هذا ما يمنع ربط الحيوانات في شوارع المدينة وتراكم الفضلات حتى تتحوّل المدينة الى زريبة ورائحة نتنة تزكم الأنوف، ألا توجد في قدسية المدينة فقرة تمنح حق الفقراء بالعيش الذي يليق بهم بدلاً من إنتشار ظاهرة التسوّل". ويتساءل أيضاً "هل القدسية فقط متعلّقة بالمرأة وحجابها؟ ألا يوجد في قانونهم هذا فقرة لمكافحة الدعارة، فهناك اكثر من (50) حي للغجر يُمارسون الدعارة والإستجداء وخطف الأطفال، لماذا يتركون هكذا؟ أليست المدينة مقدّسة؟ للعلم هناك نسبة للأحزاب بما تجنيه العاهرات".
ويشير الكناني، الى أنّ "قدسية المدينة جاءت ضمن المزايدات السياسية التي يتبنّاها الساسة، فكل شيء حرام ولا يوجد شيء حلال وهذا التطبيق علينا فقط، أمّا هم فمسموح لهم الذهاب الى أوروبا أو المدن القريبة او حتى في كربلاء يُمارسون الرذيلة على مرأى ومسمع من رجال الدين، فهم في هذا سواء ونحن نعرف الكثير عن هذه الممارسات، والأفضل لهم أن يتراجعوا، فكربلاء حاضرة مدنية فيها الفن والموسيقى والغناء والرسم وكل شيء جميل، هكذا عشنا أكثر عمرنا ولا يأتي هؤلاء شذاذ الآفاق ليعلمونا بمعنى القدسية، فالقدسية شيء آخر غير هذا".
أنا مع قانون القدسية
من جانبه يتساءل الصحفي الشاب، علاء الكركوشي، عن اسباب "الإعتراض على قانون قدسية كربلاء؟ أنا مع قانون القدسية فكربلاء التي تحتضن الإمام الحسين وأخيه أبا الفضل العباس (عليهما السلام) يجب أن يكون لها قانون يحفظ قدسيتها، فهناك من يُحاول إدخال عادات مرفوضة على هذه المدينة بحجّة المدنية والتطوّر "مشيراً الى أنّه "على الزائر أيضاً أن يحترم مدينة كربلاء المقدسة وخصوصيتها، فلماذا هذا التجهّم على تفعيل قانون من شأنه أن يحفظ أسم مدينتا؟ ألا توجد أماكن ترفض دخول المرأة التي ترتدي العباءة؟ لماذا لا أحد يعترض على هذا الأمر؟ ولماذا هذا الهجوم على قانون القدسية؟".
لا حاجة الى قانون القدسية
يؤكد التدريسي بكلية القانون في جامعة كربلاء، الدكتور علاء الحسيني، أنّ "جميع ما ورد في قانون قدسية كربلاء موجودة في قانون العقوبات العراقي، ولا يحتاج تطبيقها الى قانون من مجلس المحافظة لتطبيقها، كذلك أنّ المادة (١٢٢) من الدستور منحت المحافظات كمحافظة كربلاء صلاحيات إدارية ومالية واسعة وليس صلاحيات تشريعية واسعة كإصدار القوانين، لاسيما وأنّ المادة (٧) الفقرة (ثالثاً) من قانون المحافظات رقم (٢١) لسنة ٢٠٠٨ منحت مجلس المحافظة إصدار تشريعات محلية وليس قوانين".
تساؤلات كثيرة في هذه المدينة التي تضم أبرز العتبات المقدسة، حيث أبدى ناشطون ومواطنون عبر شبكات التواصل الإجتماعي عن إستغرابهم من نشر تلك اللافتات والملصقات، داعين الحكومة المحلية الى الإهتمام بالخدمات أولاً، ومتسائلين أيّهما أهم حجب الأغاني أم توفير الخدمات؟ ليبقى السؤال الأهم والأبرز من بين جميع التساؤلات، هل قانون قدسية كربلاء جاء لحماية حرمة المدينة أم لمصادرة الحرّيات فيها؟
اضف تعليق