عدي الحاج
كشف تقرير أمريكي قبل أيام عن مكان تمركز عناصر داعش في العراق، فيما حذّر من قيامهم بهجمات إرهابية في بغداد والموصل ودول أخرى.
ويؤكّد الباحث في شؤون الإرهاب، الكاتب الصحافي علي الطالقاني، على أنّ "التحذيرات التي أطلقتها التقارير الأمنية الأمريكية الأخيرة بخصوص تهديدات داعش للعراق لم تأتي من فراغ "مضيفاً أنّ "ما يُؤيّد هذه التهديدات جملة من الأحداث منها أسباب إلتحاق المقاتلين العرب والاجانب في صفوف داعش سواء في سوريا أو العراق والتي من بينها:
- الأوضاع السياسية غير المستقرّة والتي إنعكست سلباً على الإقتصاد ممّا أدّى الى زرع اليأس بين صفوف الشباب.
- الخطاب الإسلامي المتشدّد بين صفوف الشباب الذي يعتنق الأفكار المتشدّدة، وجاءت فكرة "الخلافة الإسلامية" لتبعث الأمل في نفوس هؤلاء.
- إلتحاق الجماعات التي لها تأريخ وسجلات إجرامية بين صفوف التنظيمات الإرهابية، إضافةً الى هناك جماعات تبنّت التعليم والتثقيف بين الجماعات وكذلك مساهمة بعضهم في ممارسة الأعمال الإجرامية.
وتابع الطالقاني، أنّ "أمام الدول التي ينتمي لها هؤلاء الجماعات، على حكوماتها لم تتصدّى لمعالجة هذه الإشكالية بشكل جيد، بل عليها أن تزج قسم منهم في السجون دون تأهيل أو إصلاح، كما أنّ قسم منهم الى الآن يمارسون حياتهم بشكل طبيعي".
وعن النساء اللواتي إلتحقن في صفوف داعش، يقول الطالقاني، أنّ "عدد النساء اللواتي إلتحقن بصفوف داعش في العراق وسوريا بلغ نحو 500 فتاة وإمرأة، منهنّ 150 فرنسية إلتحقن الى سوريا عام 2014، وإزداد العدد في عام 2015 نحو 220 فرنسية بحيث أصبحت نسبتهنّ 1/3 بين الجهاديين الفرنسيين، فيما بلغ ثلث عددهنّ ممّن إعتنقن الإسلام، ولولا الإحترازات الأمنية من قبل السلطات الفرنسية والدولية لأصبح العدد أكبر بكثير من ذلك، على الرغم من إنّ قسم منهنّ أصبحن تحت مراقبة السلطات وقسم آخر تمّ إيقافهنّ".
ويستدرك قائلاً "وبلغت نسبة النساء بين الألمان والفنلنديين 20%، بينما بلغن 40% بين الهولنديين الذين إلتحقوا لـ (أرض الخلافة)، أما المستوى الإجتماعي والمعاشي لهنّ فهنّ ينحدرنّ من الطبقات الوسطى، أما سبب إلتحاقهنّ بالتنظيمات الإرهابية فقد عملت مواقع إلكترونية تابعة لهذه التنظيمات على إستغلال الظروف العائلية بحيث تمجّد الزوجية لدى حياة أفراد التنظيم ونبل الرجل الجهادي وعلاقته الوثيقة مع زوجته المستقبلية".
ويُبيّن الطالقاني، عن قضايا الشرق الأوسط في ظل سياسة ترمب، أنّ "هناك جدل واسع يدور حول زيارة ترمب المفاجئة للعراق دون علم الحكومة، ولو كانت هناك قراءة جيّدة لسحب القوات من سوريا وتسريب الأخبار قبل شهر بأنّه سيزور العراق لكانت الحكومة العراقية إستعدّت لهذا الخبر، لكنّ الإنشقاقات الداخلية والصراعات والإرادات الخارجية لم تدع السيادة العراقية في مأمن ولن تترك للسياسي مجال في أن يقرأ المستقبل، أمّا بيان رئاسة الوزراء ما هو إلا تبرير لموقف ضعيف، كذلك أنّ المدّة الثانية التي منحتها الإدارة الأمريكية للعراق بوقف إستيراد الطاقة والغاز من إيران لم تترك المجال أمام قادة العراق للهرب من مواجهة الواقع، وعلى الحكومة إسعاف نفسها من أجل عدم وقوعها في مواجهات مع الشعب لأنّ السياسة الأمريكية تجاه العراق تغيّرت منذ مجيء ترمب، لكنّ قادة العراق لا يريدون فهم هذا الأمر ويحاولون الهروب من مواجهة الواقع المزري فهل يا ترى سيقعون في الفخ وإسقاط هذه الحكومة داخلياً".
ويُضيف أنّ "الولايات المتّحدة تتردّد بين وضع العراق مع الدول الدائرة في فلك إيران أو تصنيفه كنظام قابل للإستمالة نحوها، ومع شديد الأسف دائماً ما يفتقد السياسي الى مشروع بناء أمة وبناء دولة وإقامة عدالة إجتماعية، وإنّما يسعى لبناء سلطة وتأمين قوة للدفاع عن هذه السلطة، وهذا ما يُفسّر أنّ الدولة العراقية التي تحاول القوى السياسية إنتزاعها بالقوة لم تعد دولة للعراقيين لتنظيم شؤونهم وحماية مصالحهم، بل أصبحت دولة السياسي القائمة لحماية ملكه وتثبيت أركانه لتمتد لتصبح دولة العائلات".
وعن الأسباب التي أدّت الى ذلك، يوضّح الطالقاني، أنّ "هذه السلطات نشأت على أساس الطائفية والعشائرية لتبديل طبيعة الدولة وطبيعة عملها، ومن أجل أن تبقى سلطة السياسي لم يكن أمام ذلك سوى إنتاج العنف لردع الخصوم والمنافسين بحيث تطوّرت وسائل التحايل والفساد والتستّر على الحقيقة، وقد لعبت الأحزاب لعبة مزدوجة بحيث تبني من خارج الدولة دولها الخاصّة وقوانين خاصّة ويقوّض أسس الدولة الحقيقية".
ويتابع "لقد راهن ترمب منذ مجيئه للسلطة على إصلاح الأوضاع في بلاده وفي مناطق النفوذ في محاولة لتشريح منطقة الشرق الأوسط، إلا أنّ الأحداث في منطقة الشرق الأوسط زرعت حالة من الشك وعدم الإلتزام مع الولايات المتّحدة من قبل الأنظمة، كما أنّ الإستراتيجية الأمريكية مليئة بالثغرات كما حثّت منطقة الشرق الأوسط على أن تكون منطقة مليئة بالجرائم والإقتتال الداخلي والتطرّف والفوضى لم تشهدها المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية ولا أحد يستطيع التكهّن بأنّ هذه الأزمات متى ستنتهي، كما أن ترمب لم يهتم لإزالة الأنظمة الديكتاتورية كونه مهتم فقط بكيفية الحصول على المال والنفط، فهو لم يفهم سلوك قادة الشرق الأوسط وبقيت واشنطن ترقص على شعارات زائفة، فمن المسؤول عما يجري في كل من سوريا وإيران واليمن، إضافةً الى أنّ "ترمب ظهر بعلاقات خطيرة على المنطقة وخصوصاً مع السعودية وتبنّي السياسة الإسرائيلية في إمتلاك القدس والإستحواذ على الأراضي الفلسطينية، وقد قام بتمزيق معاهدة إيران ووقوفه الى الجانب السنّي في حرب طائفية مع الشيعة في كل من لبنان وإيران والبحرين وسوريا، وكل ذلك جعل من واشنطن أن تلعب دور شرطي المنطقة لكن كل شيء بتكلفته، وهذا ما أكد عليه ترمب حين قال عند سحب القوات العسكرية من سوريا: لا نريد لعب دور الشرطي في الشرق الأوسط بلا مقابل، فإنّ الولايات المتّحدة الأمريكية وبحسب كلام ترمب أنّها تخسر أرواح ثمينة وتريليونات الدولارات لحماية الآخرين، وهو يعتقد أنّ العرب لا يقدّرون ما تلعبه واشنطن، وفعلاً وفّرت سياسته نحو 700 مليار دولار خلال عام 2018 و716 مليار دولار لعام 2019، وهذه الأموال ربّما ستبذل على مناطق الصراع في العراق وليبيا وسوريا وأفغانستان."
ويكمل أنّ "ترمب يعتقد أنّ قراراته تمثّل خطوة تجاه الإستقرار، لكن كحرب مثل حرب اليمن خير دليل على نشر الفوضى وهو دليل صارخ على الفشل، وأنّ ترمب أصبح كابوس يرعب قادة منطقة الشرق الأوسط وكلما توتّرت العلاقات كلما زادت هواجس الخوف منه على إعتباره شخص مستفز ويهدّد هذه الأنظمة، ويتّضح أنّ الشرق الأوسط مقبل على تعقيد للأوضاع خصوصاً مع تصعيد النزاع بخصوص ملف إيران، لذلك ستطول أزمة اليمن والعراق ولبنان والبحرين وصولاً الى فلسطين ممّا سينجم عن هذا الصراع إضطرابات أمنية وسياسية أكثر تعقيداً".
وعن الحلول الواجب إتّخاذها للحد من تنامي الجماعات الإرهابية يجب الطالقاني بوجود عدّة أمور منها:
عدم تخفيف الضغط على ملاحقة التنظيم وتفكيك خلاياه، وخير دليل هو ما حدث عندما إنخفضت هجمات تنظيم القاعدة في عام 2010 و2011 إستغلّ التنظيم المناطق الصحراوية والنائية من أجل تنفيذ هجماته كون أنّ هذه المناطق بعيدة عن الأعين ومعلومات المخبرين والمصادر الأمنية.
إيجاد تدابير يتم إعتمادها كالهجوم بدلاً من الدفاع في مجال مكافحة الإرهاب وهو الأمر الذي سيحد من هجمات التنظيمات الإرهابية.
عدم إهمال المناطق التي عانت من وجود جماعات متشدّدة من خلال العمل مع المؤسسات والجماعات المعتدلة وإستغلال الظروف المواتية من أجل دعم المجتمعات في مواجهة الأفكار المتطرّفة.
إيجاد قنوات إتّصال تشجّع على نشر الأفكار الإيجابية التي تحث على التعايش والإنفتاح ونبذ العنف بحيث يتم إتاحة أجواء توفّر تدفّق الأفكار المعتدلة لتصبح بيئة تنوير، وبالتالي يتم عزل الجماعات الراديكالية النابعة من الغرب والشرق.
أنّ خير نموذج يصلح لذلك هو الوسط الجامعي، حيث يمثّل بؤرة هذا الجهد للإنطلاق نحو إطلاق مشاريع من هذا النوع، فإنّ الوسط الأكاديمي شريك أساسي في بناء جهود بناء جسور التواصل مع المجتمعات.
أنّ نظام الشبكي من المؤسسات والجماعات المعتدلة يشكّل قاعدة عريضة ومؤثّرة داخل مجتمعاتها تعكس قيم الثقافة والتعدّدية، بحيث تبذل هذه الجماعات أقصى ما لديها من جهد في الإلتزام بممارسات حضارية وبشكل مستمر مثل عقد الملتقيات والندوات الحوارية وإنشاء المدارس الفكرية والتعليمية وتأليف الكتب والكتابة في الصحف والمجلات. انتهى.
اضف تعليق