توفرت بيئة خصبة لنشوء وتنامي التنظيمات الارهابية في العراق، ما بعد 2003، حيث شكلت هذه التنظيمات تحديات كبيرة على الصعيدين الامني والسياسي للحكومات المتعاقبة.
ومن اهم عوامل توسعها، عدم الاستقرار السياسي، واستشراء الفساد في جميع مفاصل الدولة، بالاضافة الى النقم المجتمعي على الطبقة الحاكمة والتي بدورها لم تستطع ان تلبي حاجات المجتمع الاساسية.
يقول ميثاق مناحي العيساوي الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية، انه "على الرغم من الانتصار العسكري الذي حققته قوات الأمن العراقية على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في نهاية العام 2017، إلا أن خطر التنظيم لم ينتهي بعد، فإن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت اهم مغذيات تنظيم "داعش" في العراق لم تتغير بعد.
ويضيف العيساوي، ان "العوامل السياسية وعدم الاستقرار في العراق بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وهذه الصفة من شأنها أن تولد حالة عدم استقرار مجتمعي وتدهور اقتصادي، وكذلك تضعف عمل المؤسسات الأمنية بمختلف تشكيلاتها".
ويؤكد العيساوي، ان "ما يزال العامل الإقليمي، العامل الأكثر تأثيراً في الساحة السياسية العراقية، وتزداد شدته عندما يمتزج مع العامل الدولي، هذا التأثير يأتي من طبيعة الصراع الموجود على السلطة وطبيعة تعاطي الاحزاب والقوى السياسية العراقية معه".
فالعملية السياسية العراقية منقسمة في صراعها السياسي الإقليمي بين دور إيران في العراق والمنطقة وبين دور العرب وطبيعة تعاطيهم مع الحكومات العراقية بعد عام 2003، أو حالة التغيير السياسي بشكل عام، بحسب العيساوي.
ووفق الباحث، "تكمن مشكلة الدولة العراقية الحالية، بأنها تمثل ساحة للصراع الإقليمي والدولي، فما يزال الصراع الإيراني – السعودي أو الإيراني – الأمريكي، يشكل التهديد الأكبر والتحدي الحقيقي أمام صانع القرار العراقي".
العيساوي يقول إن الحديث عن الوضع الداخلي العراقي بعد تحرير الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي نهاية العام 2017 لا يختلف كثيراً عن الوضع الداخلي قبل 10 حزيران عام 2014. فما زال الفقر والبطالة وغياب الرؤى الاقتصادية معوقات حقيقية في بناء الدولة.
وهذا ما يزيد من هشاشة العملية السياسية العراقية، ويغذي نشاط الحركات الإرهابية والمتطرفة في العراق، ،ويرى الباحث ان "عمل التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في العراق بعد عام 2003 تّدرج عبر عدة مراحل بمساعدة قوات الاحتلال الأمريكية والحكومة العراقية آنذاك، من خلال الاستراتيجية التي اتبعها الأمريكان والحكومة العراقية في كيفية زج المعتقلين في السجون العراقية".
ويشير العيساوي الى، إن "تجربة تنظيم "داعش" وزعيمه الإرهابي أبو بكر البغدادي نموذج واضح، فالكثيرون من عناصر التنظيم انظموا له من خلال عملية الاعتقال داخل السجون.
ويلفت الباحث في مركز الفرات، إن ما يحدث اليوم في سجون العراق بعد دحر تنظيم داعش هو عملية شبيهة لما حدث سابقًا على يد الأمريكان وبالتالي فإن الحكومة العراقية ربما تسهم في تنمية قدرات التنظيمات الإرهابية بشكل أو بآخر وتساعد على انتشار افكارها المتطرفة من خلال طريقة إدارتها للسجون".
ويحذر العيساوي الى، ان "وجود عوائل داعش في العراق يعد من أخطر التحديات التي تهدد الأمن المجتمعي وأمن المواطن العراقي بشكل عام على المستوى المتوسط والبعيد وإن وجود هذه العوائل دون إعادة تأهيل ستصبح بمثابة قنابل موقوتة داخل المجتمع العراقي بمرور الوقت".
خلاصة القول يؤكد العيساوي بانه، لا يمكن القضاء على تنظيم "داعش" والفكر المتطرف بشكل عام بالطرق العسكرية وردات الفعل المفاجئة أو بالطرق البدائية، وعليه لابد أن تكون هناك استراتيجية شاملة لمعالجة كل مسببات داعش والاستفادة من الأخطاء السابقة التي وظفها التنظيم لصالحه في السنوات الماضية.
اضف تعليق