أثارت صور ومقاطع فيديو تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تظهر اختفاء بحيرة ساوة الطبيعية والشهيرة بمحافظة المثنى بسبب الجفاف الذي يعصف بالبلاد صدمة لدى الشارع العراقي.
وقال مدير بيئة محافظة المثنى يوسف سوادي في تصريح متلفز إن "هناك 3 عوامل رئيسية وراء الجفاف الذي أصابها، منها التغير المناخي الذي أصاب العالم، والعراق من أكثر البلدان تأثرا به، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية؛ مما أسهم في انخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا".
وطالب سوادي الحكومة العراقية "بتشكيل لجان لمتابعة الموضوع، في حين دعا المنظمات الدولية للمشاركة في حل ما وصفها "بالكارثة البيئية" التي حلت بالبحيرة التي كانت تعد من الظواهر الطبيعية الشهيرة والفريدة في العراق ويمتد عمرها لآلاف السنين.
وقال خبير الأرصاد العراقي صادق عطية للجزيرة نت إن المياه في بحيرة ساوة بدأت الانحسار التدريجي حتى جفافها تماما، والسبب حسب المختصين يعود إلى حركة الصفائح التكتونية بمرور الزمن مما تسبب في جفاف الأنهار تحت المياه الجوفية المغذية للبحيرة، وإنشاء معامل غرب البحيرة تسببت في جفاف الآبار المغذية لها.
ويرى أن عودة الحياة للبحيرة لا يمكن أن يتم إلا من خلال جهات عالمية تملك أجهزة متخصصة في هذا المجال، فضلا عن توفر الأموال اللازمة لهذا العمل. والعراق ليست لديه أي إمكانية حاليا.
صدمة عراقية
وعبّر عراقيون عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي عن صدمتهم وحزنهم لما شاهدوه من صور لبحيرة ساوة، في حين حذر مراقبون ومتخصصون من خطورة الجفاف الذي يعصف بالعراق.
وقال فريق "مغامر جيولوجي" المتخصص في علوم الأرض -عبر صفحته على فيسبوك- إن "أحد أسباب الجفاف هو "استخدام الضخ المكثف للمياه الجوفية من موقع يقع جنوب البحيرة لتغذية ممالح السماوة الذي يستخرج منها كلوريد الصوديوم، بالإضافة إلى استخدام الآبار غير القانونية في الزراعة".
ودعا الفريق إلى "أن تكون هناك منظومة عمل وتعاون بين وزارة الموارد المائية وهيئة المسح الجيولوجي العراقية والأقسام العلمية وأقسام علوم الأرض في الجامعات العراقية مع وزارة الداخلية لمكافحة الآبار المخالفة للمحافظة على النظام الهيدروجيولوجي العراقي وعمل دراسات واسعة وشاملة".
وقال الصحفي والمدون مخلد نزار -عبر حسابه على تويتر- إن "بحيرة ساوة اندثرت بسبب سوء التخطيط وسوء إدارة السياسة المائية وعدم اهتمام الحكومة بكل التحذيرات المحلية والخارجية".
وعبر نزار عن استيائه من اندثار معلم سياحي مهم مثل بحيرة ساوة، لافتا إلى وجود تقرير يشير إلى أن الأملاح تهدد مدينة بابل الأثرية.
وكتب الباحث السياسي مصطفى السراي -على حسابه في تويتر- "في مدينة مشهد الإيرانية تمت صناعة بحيرة اصطناعية من أجل أن تكون مرفقا سياحيا، وفعلا تم ذلك وأصبحت منطقة تجارية أيضا، وفي مدينة السماوة توجد بحيرة طبيعية اسمها "ساوة" تجف تمامًا نتيجة الإهمال وعدم الإدارة الصحيحة". وأضاف السراي أنه في العراق "جفت الموارد البشرية وتحول الجفاف إلى الموارد الطبيعية".
وقال الناشط السياسي أحمد العبد الله -عبر حسابه على تويتر- إن "جفاف بحيرة ساوة وشحة مياه عصيبة تمر على ديالى وباقي محافظات الوسط والجنوب والفاعل السياسي العراقي مرتخ يلوذ في دولارات الجارتين تركيا وإيران اللتين توقفان الإطلاقات المائية من دون حسيب ولا رقيب وشريان حياة الأراضي الزراعية ذاهب للفناء".
تكوين فريد
وتعد بحيرة ساوة من أهم المعالم المميزة في جنوب العراق، وذلك لتكوينها الفريد والظواهر الطبيعية التي صاحبتها؛ فهي تتميز عن البحيرات الأخرى بأمور عديدة، منها عدم وجود أنهار أو مجرى مائي سطحي يغذيها، بل تعتمد على العيون وما يتدفق من مياه جوفية من تحت البحيرة التي ترشح إليها من نهر الفرات القريب منها، وذلك عبر الصدوع والشقوق التي في أسفلها. وترتفع البحيرة عن مستوى سطح البحر 5 أمتار، وهذا ما يحول دون رؤيتها إلا من مسافات قريبة جدا.
وتعد بحيرة ساوة من البحيرات الفريدة لما تتصف به من ارتفاع في نسبة ملوحة مياهها مقارنة بباقي البحيرات والأنهار في العراق، حيث تبلغ نسبة ملوحة مياه البحيرة 1500 بالمليون، وهي نسبة عالية جدا إذ إنها أعلى ملوحة من مياه الخليج العربي بـ1.5 مرة.
وساوة محاطة بحائط كلسي طبيعي يعيد غلق نفسه عند كسره، بسبب سرعة تصلب المادة الكلسية الموجودة بالماء، كما تحتوي على أسماك صغيرة جدا عالية الشحوم، إذ تذوب بالكامل عند محاولة طبخها، ويبلغ طول البحيرة 5 كيلومترات وعرضها ما يقرب من كيلومترين.
ولا تنمو النباتات المائية داخل البحيرة ولا على ضفافها بسبب ملوحة مياهها، ويعيش نوع واحد من الأسماك في بحيرة ساوة هو "سمكة الجرو العربية".
وعلى عكس الحياة المائية الفقيرة، تزخر البحيرة بأنواع الطيور المائية، حيث تصل أنواع الطيور إلى 25 نوعا، ومن أهمها البط والهدهد العراقي، كما تعيش العديد من اللبائن في الحزام الصحراوي الذي يحيط بالبحيرة، منها الثعالب والضباع، بالإضافة إلى أنواع من الزواحف، أهمها ثعبان الماء.
المصدر: الجزيرة نت
اضف تعليق