مشاهد بدت مألوفة منذ تبني السعودية لرؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030 الاقتصادية، حيث تحتشد الاف العمال الاجانب العاطلين عن العمل بعد التحول الجذري في سياسة المملكة الاقتصادية، بزيادة الضرائب ورفع الدعم عن الكثير من المفردات اضافة الى القيمة المضافة.
ونشرت وكالة بلومبيرج الأمريكية: إن مئات الآلاف من العمالة الأجنبية بالمملكة تغادر البلاد، في نجاح لافت للسياسات الاقتصادية الجديدة والتوطين، بعد أن كان يُنظر إلى السعودية كبلد يصدّر الدولارات خارجاً بسبب عائدات النفط. على حد قولها.
وألمحت الوكالة إلى نجاح سياسة السعودية المنتهجة في إعادة رسم اقتصاد البلد، وتوطين السعوديين في سوق العمل بدلاً من العمالة الأجنبية الرخيصة.
وتابعت الوكالة أنه على الرغم من وجود بطء في أداء الشركات والأعمال التجارية؛ تُواصل السلطات السعودية فرض رسوم أكثر على الأجانب؛ وهو ما يفقد أكبر اقتصاد عربي بعض جاذبيته للمغتربين الذين كانوا يتدفقون إلى البلد الغني بالنفط؛ وهو ما تستهدفه المملكة حالياً بسياسة التوطين.
ووفقاً للبيانات الرسمية الصادرة هذا الشهر انخفض عدد العمال الأجانب بنسبة 6% إلى 10.2 مليون في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018 مقارنة مع العام الماضي، مع الأخذ في الانخفاض التراكمي على مدى الفصول الخمسة الماضية إلى حوالى 700.000.
وتُظهر البيانات أيضاً ارتفاع معدلات البطالة؛ الأمر الذي يُظهر وجود صعوبات مؤقتة في خلق فرص العمل مع تعافي الاقتصاد ببطء.
وتابعت في تقريرها بالقول: يشكّل خلق فرص عمل للسعوديين أولوية لدى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، القوة الدافعة وراء خطة البلاد لتقليل اعتمادها على النفط. وفي إطار برنامج التحول الوطني؛ تستهدف الحكومة معدل بطالة لا يزيد على 9% بحلول عام 2020؛ وفقاً لبيانات نقلتها الوكالة من الموقع الإلكتروني للبرنامج.
وقال الخبير الاقتصادي في بنك الاستثمار (المجموعة المالية هيرميس) في القاهرة محمد أبو باشا في تقرير له: "نتوقع أن يظل معدل فقدان الوظائف للوافدين مرتفعاً على مدار العام"، وعزا التوقعات إلى ارتفاع الرسوم والجهود المبذولة لتوطين الوظائف.
وبدأت الحكومة في فرض 100 ريال (26.6 دولار) شهرياً على المغتربين في يوليو 2017، ومن المقرر أن تصل الرسوم إلى 400 ريال شهرياً في يوليو 2020.
وفي جانب اخر، يشير موقع "بيزنس إنسايدر" إلى أن أكثر من ثمانمائة ألف مغترب غادروا المملكة نهائيا منذ نهاية 2016 حتى أبريل/نيسان الماضي، بمعدل زاد بقليل على 1500 مغادر يوميا.
ويضيف، انه منذ بداية عام 2016 لم يعد ملايين العمال الأجانب في السعودية يجدون البيئة الملائمة للعمل والكسب وتحسين أوضاعهم، وأصبحت الإقامة هناك عبئا على معظمهم؛ جراء السياسات الاقتصادية وسياسة التقشف وفرض الضرائب و"السعودة" غير المدروسة.
ويتابع الموقع، بأنه تشهد المملكة مخاضين عسيرين على الصعيدين السياسي والاقتصادي، خلخلا البنى القديمة وأسس دولة الرفاه جراء الإجراءات التي فرضها ولي العهد محمد بن سلمان لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي ضمن ما يعرف برؤية 2030.
ويبين "تقوم هذه الرؤية على إجراءات تقشفية وفرض ضرائب ورسوم والتخلي عن الدعم في عدد من القطاعات الاستراتيجية، بينها رفع أسعار المياه والكهرباء والوقود، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والتخلي عن العمالة الأجنبية في عدة قطاعات".
ومؤخرا، أثارت الزيادات الكبيرة في فواتير الكهرباء -التي تجاوزت 250% وفق مصادر صحفية سعودية- انتقادات واسعه لدى السعوديين أنفسهم، ومثلت عامل إحباط آخر للمقيمين، وسببا جديدا لدفعهم إلى المغادرة، بحسب التقرير.
ووفق إحصاءات عام 2017، يبلغ عدد الأجانب بالمملكة نحو 11.7 مليون شخص، يعمل 7.4 ملايين منهم، في حين يمثل المرافقون نحو 4.3 ملايين شخص، ويبلغ متوسط دخل العمالة الأجنبية أقل من 266 دولارا شهريا.
وتقول بيزيس في تقريرها ان "إضافة إلى الرسوم والزيادات في الأسعار، أقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بداية عام 2018 قرارا يمنع الأجانب من العمل في 12 نشاطا تجاريا جديدا، أضيفت إلى قطاعات أخرى منعوا من مزاولتها سابقا لتنقطع أسباب الرزق لعشرات الآلاف".
وتتابع قولها "مع الركود الذي يعانيه القطاع الخاص، وإفلاس مئات الشركات -بينها شركات كبرى في قطاع التشييد- تأخر دفع أجور عشرات الآلاف من العمال ولعدة أشهر، وغادر معظمهم البلاد في ما يشبه عمليات الإجلاء دون الحصول على مستحقاتهم.
ويعزو الموقع السبب الرئيسي في "الهروب الكبير" -كما أطلقت عليه مواقع معارضة-فرض رسوم شهرية منذ بداية 2018 على المرافقين للعمال الوافدين بمئة ريال شهريا للفرد، لترتفع إلى مئتين منذ الأول من يوليو/تموز الجاري، وتصل إلى أربعمئة ريال في 2020.وستوفر هذه الرسوم نحو عشرين مليار ريال (نحو خمسة مليارات دولار) خلال السنوات الثلاث المقبلة".
ومجمل هذه المتغيرات السياسية والاقتصادية الجارية انعكست سلبا على الجوانب المعيشية في المملكة، وشكلت بيئة طاردة للوافدين، فلم يعد متاحا بالنسبة لمئات آلاف العاملين مجابهة الظروف الحياتية الصعبة، مع الأعباء المتزايدة وجمود الرواتب وارتفاع الأسعار والخدمات، ومن ثم اختاروا الرحيل الطوعي وأحيانا الإجباري. انتهى/ ع
اضف تعليق