في حادثة جديدة هزت الرأي العام الجزائري، أقدم شخص، يوم الثلاثاء، على تحطيم أجزاء من تمثال ("عين الفوارة" الشهير بمدينة سطيف شرقي البلاد، قبل أن تتدخل قوات الأمن وتقوم بتوقيفه.

ووفق ما أفادت به مصادر محلية، تسلق الجاني النافورة التي تتوسط ساحة عامة في وسط مدينة سطيف وشرع بتحطيم وجه التمثال، مستخدمًا أداة حادة، في مشهد صادم تم توثيقه وتداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وحاول المعتدي مقاومة عناصر الشرطة الذين تمكنوا من السيطرة عليه وإنزاله بالقوة، ونقله لاحقًا إلى مركز الأمن للتحقيق معه.

الحادثة أثارت موجة من ردود الفعل المتباينة في أوساط السكان الذين احتشدوا في محيط النافورة عقب وقوع الحادث.

وبينما أعرب البعض عن إدانتهم الشديدة لهذا السلوك واعتبروه اعتداءً على أحد رموز المدينة الثقافية، أبدى آخرون تعاطفهم مع دوافع المعتدي، معتبرين أن التمثال لا يعكس قيم المجتمع الجزائري المحافظ.

وتمثال "عين الفوارة" يُعد من أبرز المعالم النحتية في الجزائر، وقد نحته الفنان الفرنسي فرانسيس دي سانت فيدال عام 1898، مستوحياً صورة امرأة من منطقة سطيف، وعرض لأول مرة في متحف اللوفر بباريس.

وبحسب المؤرخ الجزائري عبد الحق شيخي، فإن الحاكم العسكري الفرنسي في سطيف آنذاك أعجب بالتمثال وطلب نقله إلى المدينة، حيث تم تدشينه على قاعدة رباعية الشكل مزودة بأربعة ينابيع مياه في العام 1899.

ورغم مكانته الرمزية، فقد تعرض التمثال على مرّ العقود لعدة اعتداءات وتخريب متكرر، ففي عام 1997، دُمر بقنبلة محلية الصنع لكنه رُمم خلال 24 ساعة فقط.

وتكرر الاعتداء عام 2006 حين حطّم شاب أجزاء من وجه التمثال باستخدام مطرقة، وفي ديسمبر 2017 ألحق رجل آخر أضراراً كبيرة بالوجه والصدر، ما تطلب عملية ترميم كلفت قرابة 3 ملايين دينار جزائري (نحو 200 ألف دولار أميركي)، كما شهد التمثال اعتداء جديداً سنة 2022.

وتبقى هوية الفاعل ودوافعه في حادثة اليوم غير معروفة حتى اللحظة، في انتظار ما ستكشفه التحقيقات الأمنية الجارية، بينما يستمر الجدل في الجزائر بين المدافعين عن التراث الفني والتاريخي من جهة، وأولئك الذين يرون في بعض الرموز الاستعمارية استفزازًا للهوية الوطنية والدينية.

م.ال

اضف تعليق