نشرت صحيفة سلايت الفرنسية تقريرا حول الاتفاق النووي الإيراني، وقالت إن إيران والدول الست الكبرى ليست في واقع الأمر متفقة على شيء، وعزت ذلك إلى الاختلافات الكبيرة الموجودة بين تصريحات واشنطن وطهران وباريس.
وشككت الصحيفة في التزام إيران بالشروط التي قبلت بها عقب الاتفاق المبدئي بخصوص برنامجها النووي، وذلك بعد أن أعرب الكثيرون عن ارتياحهم لما تضمنه هذه الاتفاق. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشكوك تأتي بعد أن لوحظت الاختلافات الكبيرة في الاتفاق المبدئي الذي لم يوقع بعد، بين النصوص التي تعتمدها كل من طهران وباريس وواشنطن.
ونقلت الصحيفة تساؤلات طرحتها عدة وسائل إعلامية، مثل مجلة "ذي أتلانتك"، عما إذا كانت هناك اتفاقية أصلا، كما أشارت إلى الاختلافات الكبيرة والمتعلقة بتناقضات جوهرية موجودة في تصريحات الديبلوماسية الأمريكية من جهة والمسؤولين الإيرانيين من جهة ثانية، وما زاد الأمور سوءا هو تقديم فرنسا نسخة ثالثة مختلفة من الاتفاقية. فحسب الوثيقة التي اعتمدتها واشنطن، قبلت إيران بتقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب من 10000 طن إلى 300 كلغ، وهو الشيء الذي لم يرد في نسخة إيران من الاتفاقية.
وأضافت الصحيفة أن نسخة إيران من جهتها تنص على تطوير التعاون النووي بين إيران والقوى الست الكبرى التي شاركت في المفاوضات/ ويشمل ذلك بناء محطات الطاقة النووية والمفاعلات النووية للأبحاث العلمية، لكن لم يقع ذكر هذا التعاون المحتمل في النسخة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن النسخة الأمريكية تؤكد عدم استعمال إيران لأجهزة الطرد المركزي الأكثر تطورا لتخصيب اليورانيوم لمدة 10 سنوات على الأقل، وخلال هذه المدة يمكن لإيران أن تقود أبحاثا "محدودة" متعلقة بأجهزة الطرد المركزي، لكن لا وجود لكلمة "محدودة" في النسخة الإيرانية.
ورأت الصحيفة أن الاختلاف الصارخ أيضا يتعلق بقضية أساسية تتمثل في رفع العقوبات المالية التي تثقل كاهل الاقتصاد الإيراني وتؤثر سلبا على النظام ككل. فحسب نسخة إيران من الاتفاقية، ترفع العقوبات فور تنفيذ الاتفاقية لكن للمسؤلين الأمريكيين رأي مخالف، فهم يرون أنه من الأجدر أن ترفع العقوبات تدريجيا. وقد أوضح الرئيس الإيراني حسن روحاني موقفه إزاء هذه النقطة، مؤكدا أن "لا اتفاقية دون رفع العقوبات".
ومن جانب آخر، فإن النسخة الفرنسية تسلط الضوء على اختلافات أخرى، على غرار تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من القيام بزيارات مفاجئة للمواقع المشتبه بأنشطتها في إيران، لكن النسختين الأمريكية والإيرانية تتسمان بالغموض والضبابية.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن دافيد هورفيتز، مؤسس صحيفة التايمز الإسرائيلية، امتعاضه من هذه الاتفاقية مع إيران ووصفه لها بالمهزلة، مشيرا إلى حجم الاختلافات في النسخ الثلاث، وخاصة ما إذا كانت إيران قادرة على المضي قدما في تطوير أجهزة الطرد المركزي لتسريع عملية صنع القنبلة النووية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هنري كيسنجر وجورج شولتز، وزيري الخارجية السابقين في أمريكا، عبرا عن شكوكهما حول اتفاق الإطار، وصرّحا بأن التفاوض حول صياغة الاتفاقية النهائية أمر صعب لأنه لا وجود لوثيقة رسمية تؤكد ذلك حتى الآن، أما ما يسمى بالاتفاقية المبدئية فلا تعدو أن تكون تفسيرا أمريكيا أحاديا، وقد وصفها كبير المفاوضين الإيرانيين بمحاولةٍ لذر الرماد في العيون.
وأكد كيسنجر وشولتز، بحسب الصحيفة، أن رهان أوباما على تفكير عقلاني من الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط هو أمر في غاية الخطورة، ذلك أن الأوضاع الأمنية في إيران غير مستقرة، وبالتالي يصعب التكهن بردود الفعل الممكنة.
وقد ذكرت الصحيفة أن أوباما قدم من جانبه اعترافا ضمنيا، إثر حوار تلفزيوني، مفاده أن الاتفاقية التي سبق له أن وصفها بالتاريخية تتضمن العديد من الثغرات، وأقر بأنه حتى في حال التزام إيران بالاتفاقية، فلن تردعها أي قوة عن صنع سلاح نووي خلال وقت وجيز بعد عشر سنوات، عند انتهاء الاتفاقية. وعلى إثر هذه التصريحات النارية، حاول المسؤلون في وزارة الخارجية الأمريكية أن يحدوا من الأضرار التي تسبب فيها تصريح أوباما، مفسرين ذلك بأن الرئيس كان في حالة ارتباك.
اضف تعليق