أمرت روسيا قواتها بالانسحاب من مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا في نكسة أخرى قوية لقواتها ووسط هجوم أوكراني مضاد.
وتعامل المسؤولون الأوكرانيون في كييف بحذر مع الإعلان مشيرين الى أن الجيش الروسي من غير المرجح أن يغادر المدينة الاستراتيجية دون قتال، بينما أشار الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن الانسحاب دليل على مشاكل حقيقية تواجه الجيش الروسي.
وأمر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال اجتماع نقله التلفزيون مع قائد العمليات الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين بانسحاب القوات الروسية من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون.
وقال شويغو على التلفزيون "ابدأوا بسحب الجنود"، وذلك بعد اقتراح في هذا الاتجاه من جانب سوروفيكين الذي أقرّ بأنه ليس قرارًا "سهلاً".
ويشكل هذا الانسحاب نكسة جديدة للكرملين، إذ إن خيرسون كانت من أوائل المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية، وهي أيضا جزء من المناطق الأوكرانية التي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمّها نهاية أيلول.
وأمر شويغو بانسحاب القوات الروسية من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو(غرب) حيث تقع مدينة خيرسون لإنشاء خط دفاع على الضفة اليسرى (شرق) للنهر الذي يشكل حاجزا طبيعيا.
وحاول الكرملين تأجيل هذا الانسحاب المذل لأطول فترة ممكنة لكن الوضع أصبح أصعب لقوات موسكو في مواجهة الجيش الاوكراني المجهز بأسلحة حديثة قدمها الحلفاء الغربيون.
وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي الأربعاء إن انسحاب روسيا من مدينة خيرسون الاستراتيجية الأوكرانية يُظهر أن جيشها يعاني من "مشاكل حقيقية" في ساحة المعركة.
من جهته أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء أن كييف تتعاطى "بحذر شديد" مع إعلان روسيا سحب قواتها من مدينة خيرسون الواقعة في جنوب أوكرانيا.
وقال زيلينسكي في كلمته اليومية "العدو لا يعطينا هدايا ولا يقدّم +بوادر حسن نية+، نحن نفوز بكل شيء"، مضيفا "لذا نحن نمضي قدما بحذر شديد، من دون عواطف ومن دون مخاطر لا داعي لها".
وكان الجنرال سوروفيكين قبل اقتراح الانسحاب، برر ذلك برغبته في حماية أرواح الجنود الروس واتهم القوات الأوكرانية بقصف المدنيين.
وقال "نفكر قبل كل شيء في الحفاظ على حياة كل جندي روسي" مؤكدا أن الجيش الروسي "يقاوم بنجاح محاولات الهجوم" التي تشنّها القوات الأوكرانية.
وتُعتبر منطقة خيرسون استراتيجية إذ إنها تقع على حدود شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمّتها موسكو عام 2014.
منذ إعلان الكرملين في نهاية أيلول ضم أربع مناطق أوكرانية بما فيها منطقة خيرسون، باتت موسكو تعتبر هذه الأراضي جزءًا من الأراضي الوطنية.
وحذر بوتين من أن روسيا ستدافع "بكل الوسائل" عما تعتبره أراضيها، ولوح كبار المسؤولين الروس صراحة بإمكانية اللجوء إلى السلاح النووي.
كما أعلن الجنرال سوروفيكين الأربعاء أن سلطات الاحتلال قامت في الأسابيع الأخيرة بـ"إجلاء" 115 ألف شخص من الضفة اليمنى إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبرو.
ونددت أوكرانيا بأعمال تهجير السكان ووصفتها بأنها عمليات "ترحيل".
في مؤشر آخر على الوضع الفوضوي في خيرسون، قُتل مسؤول كبير في الاحتلال الروسي كيريل ستريموسوف الأربعاء، بحسب السلطات المحلية في حادث سير.
كان ستريموسوف أحد أشد المؤيدين لضم موسكو لمنطقة خيرسون وتأتي وفاته بعد أن قضى العديد من شخصيات الاحتلال الروسي بشكل عنيف في جميع أنحاء أوكرانيا.
وقبل الإعلان عن هذا الانسحاب، أعلنت قوات الاحتلال الروسية أنها تستعد للدفاع بقوة على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو.
مع دخول الهجوم الروسي قريبًا شهره التاسع، يواصل الغرب إعادة تأكيد دعمه لكييف عسكريا ولوجيستيا وماليا.
اقترحت المفوضية الأوروبية الأربعاء على الدول الأعضاء الـ27 منح أوكرانيا مساعدة بقيمة 18 مليار يورو لعام 2023 على شكل قروض.
أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"تضامن" الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي لا تزال فيه كييف قلقة بشأن تراجع الدعم الأميركي بعد انتخابات منتصف الولاية غير المحسومة النتائج بعد، حتى وان أكد البيت الأبيض أن دعمه لاوكرانيا سيكون "ثابتا".
وسعى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ لطمأنة كييف أيضا.
وقال ستولتنبرغ للصحافة بعد لقائه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في لندن، "من الواضح جداً أن هناك دعماً قوياً من الحزبين في الولايات المتحدة لمواصلة تقديم دعم لأوكرانيا، وهذا الأمر لم يتغيّر".
في هذا الخصوص اعتبر الكرملين أن العلاقات بين موسكو وواشنطن ستظل "سيئة" بغض النظر عن نتيجة الانتخابات التي جرت الثلاثاء.
اضف تعليق